من ذاكرة الدكتور جورج جبور
ALTHAWRAعدد خاص عن مجلس الشعب
الأحد 10-4-2016أجرى اللقاء : حسن حسن
الأحد 10-4-2016أجرى اللقاء : حسن حسن
ساهم البرلمانيون السوريون منذ عقود بإنشاء المنظمات الدولية ومنها الأمم
المتحدة وصياغة القرارات الدولية الهامة، وعقد الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق
الانسان والدفاع عن السلم والأمن الدوليين، وللاضاءة على ذلك التقت الثورة الدكتور
جورج جبور عضو مجلس شعب سابق وأمين الرابطة السورية للأمم المتحدة الذي كانت له
تجربة طويلة في هذا الإطار وفيما يلي نص الحوار:
-
متى ابتدأ اشتراك سورية في المنظمات الدولية؟!
-
المنظمات الدولية ظاهرة
حديثة وذروة هذه الظاهرة تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 قبل ذلك كانت لدينا عصبة
الأمم التي ولدت عام 1919 وفرضت على سورية صك الانتداب في عام 1922.
هكذا كانت سورية محكومة من فرنسا بقرار من عصبة الأمم ولم يكن ثمة سوريون في
عصبة الأمم أما في الأمم المتحدة فكانت سورية حاضرة منذ اللحظة الأولى للتأسيس.
- متى كان التأسيس؟
- - عقد مؤتمر سان فرانسيسكو في نيسان عام 1945 دعت إلى المؤتمر الدول الكبرى،
وكانت سورية في عداد الدول المدعوة لأنها أعلنت الحرب على دول المحور، وكان وفدنا
إلى مؤتمر سان فرانسيسكو مؤلفاً من السادة فارس الخوري رئيس مجلس الوزراء رئيساً
ونعيم الانطاكي وزير المالية عضواً، وناظم القدسي وزير سورية المفوض عضواً في
واشنطن، ثم كان هناك عضوان آخران هما: فريد زين، مرسوم تشكيل الوفد في 10 نيسان 1945.
كان الوفد السوري في عداد وفود عربية أخرى هي المصري والعراقي واللبناني
والسعودي، وكان لفارس الخوري دور نشط في مداولات صياغة ميثاق الأمم المتحدة.
أثناء وجود الوفد في سان فرانسيسكو اعتدى الجيش الفرنسي على حامية البرلمان
السوري وهي حادثة تركت أثراً بالغاً لدى السوريين جميعاً، واستطاعت براعة الوفد
السوري أن تجعل من هذه العملية الوحشية معلماً باقياً في ميثاق الأمم المتحدة كانت
الدول تناقش الميثاق حين طالبت سورية بإدخال نص يمنع الدول التي كانت تحت الانتداب
من أن توضع تحت الوصاية.
هكذا كان الرد الدبلوماسي السوري على العدوان الفرنسي بالإصرار على المساواة
بين الدولة السورية وبين الدولة الفرنسية، وبالنتيجة توافق المؤتمر على نص المادة
78 المعروفة باسم مادة سورية والتي يعود الفضل فيها إلى التضحية التي قدمها شهداء
البرلمان.
نص المادة 78 كما يلي:
(لا يطبق نظام الوصاية على الأقاليم التي أصبحت أعضاء في هيئة « الأمم المتحدة»
إذ العلاقات بين أعضاء هذه الهيئة يجب أن تقوم على احترام مبدأ المساواة في
السيادة).
حين عاد الوفد من نيويورك عرض فارس الخوري نتائج أعمال المؤتمر على مجلس
النواب وقال: إن المادة 78 وضعت خصيصاً (لسورية ولبنان) هذه الحقيقة الهامة لم تجد
طريقها إلى الكتب التي ألفها أساتذة كلية الحقوق عن القانون الدولي في الجامعة
السورية وهذا نقص فادح ينبغي أن يتم تفاديه، وقد أثرت هذه النقطة مرات مع كل
أساتذة القانون الدولي.
- مجلس الأمن هو الهيئة الأعلى في الأمم المتحدة وفيه أعضاء دائمون وآخرون
منتخبون هل انتخبت سورية لعضوية مجلس الأمن؟
- - نعم كان ذلك لأول مرة عام 1946 وقد شغلت المقعد غير الدائم لمدة عامين عامي
1947 و1948 وكان فارس الخوري ممثلنا في مجلس الأمن وقد ترأس المجلس
بحكم أن الرئاسة هي بالتناوب بين الأعضاء.
وخلال رئاسته للمجلس جرى بحث موضوع جلاء القوات الإنكليزية عن مصر وهكذا في
26\8\1947 كانت له خطبة رائعة عن مصر تركت صداها واسعاً في الإعلام العربي. لأن
الإعلام المصري كما نعلم هو رأس الإعلام العربي وهكذا فقد جرت دعوات لتكريم فارس
الخوري عن طريق منحه ما عرف باسم وسام الأمة العربية على حد
علمي كانت هناك دعوات لكنها لم تتبلور إلا أن دوره العربي ترسخ كثيراً منذ تلك
الجلسة في عام 1947 وفي مناسبات كثيرة أخرى لاحقة.
- المعروف أنه كان لمجلس الأمن دور في استقلال سورية؟
- - نعم هو دور في تأمين جلاء القوات الأجنبية عن سورية عامنا هذا هو العام
السبعون للجلاء، ومن المناسب أن نتذكر أن الأمم المتحدة بحثت في شكوى سورية مقدمة
على أساس المادة 78 من الميثاق.
جوهر الشكوى هو أن سورية الدولة المستقلة ترابط في
أراضيها جيوش أجنبية إنكليزية وفرنسية تنتقص هذه الجيوش من استقلالها واستمرار
وجودها مخالف للميثاق. كانت الشكوى السورية مزدوجة (السورية- اللبنانية معاً) بحث
المجلس الشكوى المزدوجة بضعة أيام وقد تميز فارس الخوري خاصة في جلسة 16 شباط 1946
وكان تميزه بسبب حكاية رواها ولها ما يزال مكانها في الأدبيات الدبلوماسية الدولية
في تلك الفترة كان ثمة تنافس بريطاني فرنسي على سورية خاصة وعلى مجمل الشرق
الأوسط.
الجيوش الفرنسية والإنكليزية دخلت سورية صيف 1941 ضمن الحرب العالمية الثانية
وحين توطد استقلال سورية أخذت الحكومة الوطنية تطالب الإنكليز والفرنسيين بالجلاء
فكان جواب الإنكليز على الفرنسيين الجلاء أولاً، ثم يأتي دورنا. أما الفرنسيون
فكانوا يقولون (الإنكليز طارئون ونحن هنا بقوة الانتداب فليجلوا الإنكليز أولاً ثم
نجلو نحن) هنا روى فارس الخوري حكايته الشهيرة عن المصباح وركام الأحجار قال: في
أحد الطرقات كان ثمة ركام من الأحجار وضع عليه قنديل مضيء أتى أحد المارة فسأل
لماذا هذا القنديل فقيل له لكي لا يتعثر المارة بالحجارة، ولماذا وضعنا الحجارة؟
فكان الجواب: لكي نضع عليها المصباح فقال هذا الغريب لماذا لا نزيح الحجارة
والمصباح معاً وهكذا كان، لقد انسحبت بريطانيا وفرنسا نهائياً من
دمشق في 15 نيسان 1946 وحدد يوم 17 نيسان موعدا
للاحتفال بالجلاء
-
حدثتنا عن فارس الخوري ماذا عن غيره من السوريين في المنظمات الدولية؟
-
تميز السوريون بحسن
أدائهم الدبلوماسي في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية.
تميز منهم كثيرون أذكر مثلا: فريد زين الدين وكان له الفضل في الصياغة الأولى
للمادة 78 من الميثاق وقد كتب له لاحقا أن يتولى منصب نائب وزير خارجية الجمهورية
العربية المتحدة أي أنه كان نائبا للوزير الشهير محمود فوزي.
وتميز ايضاً الدكتور صلاح الدين الطرزي الذين كان عضوا في لجنة تصفية
الاستعمار وأصبح عضواً في محكمة العدل الدولية وهو أول سوري يتولى هذا المنصب،
وتعرض لحادث أثناء شغله لهذا المنصب واختير لإتمام المدة الاستاذ عبد الله الخاني
وهكذا فإن كثيراً من الدول الافريقية كانت تشعر بامتنان للعلامة صلاح الدين
الطرزي لأنه ساعدها على نيل حريتها وقد كان لي حظ المشاركة مع الدكتور الطرزي يوم
24/10/1973 ولهذا التاريخ أهمية خاصة.
- قلت 24/10/ 1973 ألم يكن ذلك بعد صدور القرار 338 بعد حرب تشرين؟!
- - نعم في 24/10/1973 قبلت سورية قرار مجلس الأمن من 338 فشكل الرئيس حافظ الأسد
رئيس الجمهورية لجنة من ستة أشخاص لدراسة ما يترتب على سورية نتيجة القرار 338 ضمت
اللجنة اثنين من القصر الجمهوري هما الأستاذ إبراهيم فوزي أمين عام القصر وله
الرئاسة و كما ضم اثنين من الخارجية هما السفيران صلاح الدين الطرزي وأديب
الداوودي واثنين من الجامعة هما: حسان مريود وكمال غالي في هذه اللجنة السداسية
تعرفت عن كثب على الدكتور الطرزي وعلى جديته في المتابعة العلمية والسياسية أطلعني
على مذكراته الدبلوماسية إذ كان هو الطرف السوري الذي ساهم في صياغة اتفاقية
الهدنة عام 1949.
دعوته لإدارة ندوة عقدت في القصر الجمهوري عن خبرته في التفاوض مع الجهات
الدولية بشأن الهدنة حضر الندوة زملائي في مكتب الدراسات العامة الذي كنت أديره
كما حضره مهتمون من القصر والخارجية.
مذكراته هذه لم تنشر ولا أدري السبب
ولا أدري أين هي الآن؟
- من تذكر غير ذلك من السوريين الذين ساهموا في المنظمات الدولية؟
- - أذكر كثيرين مثل الدكتور موفق العلاف والدكتور أديب الداوودي والدكتور توفيق
سلوم الذي كان نائباً لرئيس لجنة حقوق الإنسان في
الأمم المتحدة، كذلك الدكتور عبد الرزاق قدورة المدير العام المساعد في اليونسكو
وفي جامعة الدول العربية من يستطيع أن ينسى الأدوار التي لعبها الدبلوماسيون
السوريون المتميزون مثل: سليم اليافي وعدنان عمران ونهاد إبراهيم باشا ومحمد زكريا
إسماعيل وفي اليونسكو كان الدكتور عبد الله عبد الدايم .
وفي الحقيقة ينبغي علينا أن نعد كتاباً توثيقياً عن هؤلاء السوريين الذين كان
لهم شأنهم في المنظمات الدولية والعربية .
- ماذا تقول وأنت رئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة ؟
- - عملت موظفاً دولياً لمدة سنتين، لكنني أمضيت سبع سنوات خبيراً مستقلاً لدى
مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بين عامي 2002-2009 ممثلاً للقارة الآسيوية
ضمن مجموعة الخبراء التي تعنى بأحوال المتحدرين من أصل أفريقي، ضمن هذه المجموعة
ناديت بضرورة التعويض عن الاسترقاق، فعقدت ندوة بحثت في الأمر، كذلك تفاءلت بنجاح
باراك أوباما في نيله مقعداً في مجلس الشيوخ، وقلت أنه قد يصبح رئيساً للولايات
المتحدة الأميركية، ثم إنني لاحظت أنه كان الشيخ الرابع من أصل أفريقي على مدى
مائتي عام من تاريخ مجلس الشيوخ الأميركي وفي هذا ظلم فادح للسود ناتج عن نظام
انتخاب مجلس الشيوخ في توزيع عادل لمقاعد مجلس الشيوخ، ينبغي أن يكون هناك ما يزيد
عن 10 من السود، لكن أوباما كان السيناتور الأسود الرابع في مائتي عام. وعليه فقد
طالبت بتغيير النظام الانتخابي في أميركا لكي يكون تمثيل السود في مجلس الشيوخ
أقرب إلى العدالة.
وهذا أمر مثبت في محاضر لجنتنا. بعد ذلك تردت الأحوال
المالية للجنتنا، فقد حجب عنها التمويل،
واستمر على هذا النحو حتى نهاية ولاية السفير بولتون مندوباً دائماً لأميركا
في الأمم المتحدة. وقيل حينها أن ذلك الدبلوماسي الأميركي العنيف كان السبب وراء
وقف التمويل ثم كانت لي في الأمم المتحدة
جولات عن حلف الفضول وعن التعطيل في الأعياد الإسلامية، وعن حقوق المؤلف وغيرها من
قضايا حقوق الإنسان وعن القرار 3379 وكثير من ذلك منشور في مقال مطول نشرته مجلة المعرفة في عددها رقم 626 تاريخ تشرين الثاني
2015.