تفاعل فكري مع سماحته من موقع علمانيٍّ في
الدولة العربية السورية
كلمة في الندوة الفكرية التي يقيمها مركز
الدراسات الثقافية الايرانية – العربية في مقر المستشارية الثقافية الايرانية , الساعة
الواحدة من ظهر يوم الاثنين الموافق 8 شباط 2016
الاستاذ الدكتور جورج جبور
رئيس الرابطة السورية للامم المتحدة، عضو
المؤتمرين القومي العربي والقومي- الإسلامي,
عضو
مجلس امناء مؤسسة القدس الدولية في بيروت ودمشق([1]1)
أولا: كلمتان في المدخل.
ثانيا: تعريف موجز برسالتي سماحة الامام في
عام 2015.
ثالثا: مكان الرسالتين في الفكر المعاصر: مسائل حاضرة واخرى غائبة.
رابعا: الرسالة الثانية وارهاب اسرائيل: هل يكون يوم 2 – 11 – 2016 موعد
رسالة من سماحته عن وعد بلفور؟
خامسا: كلمتان في الختام.
اولا: كلمتان في المدخل:
تلقيت بشغف دعوة المستشارية الثقافية
الايرانية في دمشق لتقديم قراءة في رسالة أو رسالتي سماحة الامام السيد علي
الخامنئي الى الشباب في البلدان الغربية. يشهد العالم ولاسيما منه عربه ومسلموه،
ازمات كبرى بل تحولات كبرى. واحد مرموق مؤثر من قادة الرأي في العالم، ضمن خضم
الازمات والتحولات، هو سماحة الامام السيد علي الخامنئي. فأن تُدعى الى تقديم
قراءة في رسالته او رسالتيه الى الشباب في البلدان الغربية، ففي الدعوة ما
يبعث على الاعتزاز، وان تناقش ما ورد في كلماته ففي ذلك ممارسة لمهنة شغفت بها مضطرا
منذ عام 1950 الذي شهد صدور اول دستور سوري وَعَيتُ بعضا من المناقشات التي دارت
بشأنه. الكلمة الاولى في المدخل هي اذن شكر الى المستشارية الثقافية الايرانية
بدمشق، ولي معها تاريخ طويل من التفاعل الفكري الصريح.
ما الاسلوب المستحسن اتباعه في قراءة كلمات شخص
قيل في وصفه انه إن قال " لا " لاهم اتفاق دولي في العقدين
الاخيرين ابطل ذلك الاتفاق؟ الصفة الاولى للأسلوب المستحسن الصدق والصراحة بما
يتضمنان من ندية. والندية هناك في اساس " المهنة". سماحة الامام سابح
بارع في متابعة الافكار على مدى عقود، وانا مثله سابح يجاريه وان باقل براعة
وسنينا. اما الصفة الثانية للأسلوب المستحسن فجوهرها انني ان قلت لا لذلك الاتفاق الذي
يؤرخ به لنفسه العالم، فسأكون سعيدا ان حظيت بنشر رأيي في اي من وسائل الاعلام. الندية
الفكرية بما فيها من صدق وصراحة لا ينبغي ان تحجب التباين في الموقع الفاعل، وما يترتب
على ذلك التباين من التزام واحترام. تلك هي الكلمة الثانية.
ثانيا: تعريف موجز برسالتي سماحة الامام: 21/1 / 2015 و
29/11/ 2015:
وجه
سماحته الرسالة الاولى الى شباب اوروبا وامريكا الشمالية. اما الثانية فقد وجهها
الى الشباب في البلدان الغربية. هل المخاطب واحد في الحالين؟ نعم ان اخذنا النية
بعين الاعتبار. ولا ان وقفنا على حرف. المخاطب هم الشباب في البلدان الغربية.
اما مناسبة الرسالتين فواحدة. انها الاعمال
الارهابية التي وقعت في باريس اوائل عام 2015، اي التفجيرات اتي استهدفت شارلي
ابدو، والاعمال الارهابية التي وقعت في المدينة ذاتها في تشرين الثاني عام 2015 والتي
تسببت في مقتل ما يقترب من مائتي شخص. ومن المعلوم ان ارهابيي المناسبتين تذرعوا
بالإسلام.
العنوان الابرز للرسالة الاولى دعوة الى التعرف
على الاسلام من مصادره. اما العنوان الابرز للرسالة الثانية --- وهي التي يتركز
عليها الاهتمام في لقائنا هذا اليوم -- - فهو الانشغال بالإضاءة على اهم مشاكل
العصر من منطلقي الحق والعقل.
في الرسالة الاولى يتجلى سماحة الامام داعية
اسلاميا قبل اية صفة اخرى. تقطر الرسالة الما مبررا، مستهجنة اسلوب النظر الى
الاسلام في الغرب. هي دفاع عاطفي عن الإسلام، لا يجافي الحق والعقل طبعا، لكنه يستهدف التذكير بموقف الغرب التاريخي الذي
يحاول تشويه صورة الإسلام. في هذا الدفاع ايضا ما يشبه ان يكون تلميحا الى مواقف شارلي
ابدو في تشويهها لصورة الإسلام، دون ان يتضمن ذلك الدفاع، باي حل من الأحوال،
تسويغا للعنف ضد الاسبوعية الكاريكاتيرية المعتزة بإلحاديتها، المستهزئة بالديانات
السماوية او التوحيدية كافة، ودون ان يتضمن تهاونا في ادانة ذلك العنف. انه تلميح ملحوظ غير ملفوظ، لا يلحظ الا بمعرفة
مناسبة اصدار الرسالة، وهي مناسبة اتت الرسالة خالية من الاشارة المباشرة اليها.
اما الجوهر الصلب الذي اتت الرسالة لتعبر عنه فهو حث شباب الغرب على التعرف الى
الاسلام من مصادره. يخاطبهم سماحته بلهجة المعلم:" هل راجعتم قرآن المسلمين
مباشرة ؟ هل طالعتم اقوال رسول الاسلام ؟ ....... هل سألتم انفسكم كيف استطاع
الاسلام ... طوال قرون متمادية ان يقيم أكبر حضارة علمية وفكرية في العالم وان
يربي أفضل العلماء والمفكرين؟".
الرسالة الثانية، وعنوانها الذي منه تعرف، فهو
" نداء لترسيخ مفاهيم الانسانية". انها رسالة غنية متميزة بالتحليل الفكري
والسياسي. هي نداء من اجل ترسيخ مفهومين انسانيين جليلين هما الحق والعقل، ولها مع
ذلك، لدعم الحق والعقل، نصيبها من الاندفاع العاطفي. يبتدئ سماحته بوحدة الجميع في " الهم
والالم المشترك بيننا وبينكم"، ليتقدم فيميز اختلافين اساسيين في المعاناة . صاغ
سماحته اول الاختلافين كما يلي: "العالم الاسلامي كان ضحية الارهاب والعنف بأبعاد
اوسع بكثير وبحجم أضخم ولفترة اطول بكثير ". اما الاختلاف الثاني فحديث عن مسؤولية
الغرب ولاسيما الولايات المتحدة الامريكية في دعم الارهاب وفي التحالف مع حماة
الارهاب التكفيري العلنيون المعروفون " (هكذا في النص الذي لدي، وعندي ملاحظة
ثانية على الترجمة) .... مع ان " انظمتهم أكثر الأنظمة السياسية
تخلفا"... وهنا يقف سماحته مطولا عند الدعم الغربي لإرهاب " الدولة الذي
ترتكبه اسرائيل", خاصا له بفقرة كاملة. وفي جزء تال من هذه القراءة سأتوقف مليا
عند هذه الفقرة. ثم في فقرة مستقلة يتحدث سماحته عن دول دمرها الغرب ويمتنع عن اعتبار
اهلها مظلومين، مشجعا دول الغرب التي قامت بالتدمير على تقديم الاعتذار. وينتقل
سماحته الى الحديث عن الجذور الثقافية للعنف في الغرب، مختتما ببعض التعليقات
التحذيرية من اتخاذ اجراءات متسرعة رعناء تمس المسلمين المقيمين في الغرب، بحسب ما
نقلته وسائل الاعلام لدى اعداد الرسالة. واشد هذه الاجراءات رعونة -- كما ارى -
هو ما جرى في فرنسا من شرعنة تجريد المتجنسين من جنسيتهم المكتسبة. وأحب هنا
توجيه التحية إلى السيدة توبيرا، وزيرة العدل الفرنسية المستقيلة، وقد عرفتها
شخصياً من خلال عملي خبيراً مستقلاً لدى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
ثالثا: مكان الرسالتين في الفكر المعاصر: مسائل حاضرة
واخرى غائبة:
الرسالتان موجزتان، وهما اشبه بنداء لا يهدف
إلى تغطية كل مسائل العلاقة المعقدة بين العالم الاسلامي وبين الغرب. اوافق سماحة
السيد في كل ما قاله عن الهم والالم المشترك بيننا وبينهم. الا ان " نحن "
عند سماحته هي العالم الاسلامي وهي عندي عالم العرب والمسلمين الذي يشمل المسيحيين
المشرقيين جميعا. اما ان معاناة عالمنا اوسع وأضخم واطول من معانة الغرب فامر لا
جدال فيه، ولا اظن ان احدا في الغرب ينكر ذلك. اما دعم الغرب للإرهاب فامر ثابت
عند سماحته كما عندي. الا انه ليس ثابتا جديا لدى الغرب. ما تزال في آذاننا كلمات
الرئيس حافظ الأسد، رحمه الله، مطالبا بتعريف الارهاب. ولم يُعَرَّف بعد، ولا سبيل
لتعريفه. لكل مرجعية سياسية تعريفها للإرهاب المتناسب مع مصالحها. اما تحالف
امريكا مع الانظمة السياسية المتخلفة فإشارة واضحة الى دول في المنطقة نعلم مَن هي.
ومن الجميل ان سماحته لم يسمها، ولن اسميها. لكنها دول مسلمة، فهل هي ضمن العالم الاسلامي
كما هو عند سماحة الامام، ام انها خارج ما يشير اليه تعبير سماحته عن العالم
الاسلامي؟ لي كالامام نفس الموقف من التحالف الامريكي مع الدول غير المسماة،
الا ان ثمة حاجة للتدقيق في" ما صَدَقِ " تعبير العالم الإسلامي، و"ما
صدق " تعبيرٌ من المناطقة يُقصدُ به المشتملات. نتحدث الى الغرب عن العالم الإسلامي،
فنكن دقيقين في اعلامه عن مشتملات هذا العالم.
ويمكننا بالطبع المتابعة مع هذه التدقيقات
السابقة وامثالها في كل اجزاء الرسالتين. وهل ثمة أجمل واجل من مثل تلك المتابعة؟ وقد
اسعى لأخصص مزيدا من الوقت للرسالتين ولغيرهما من الادبيات الخامنئية، فسماحته
مرجع كبير والمسائل التي يعبر عن آرائه فيها تشغل العالم. الا ان ميزانية الوقت
امام جمهور اسير لا تسمح بالإطالة.
فلأتناول الرسالتين من جوانب اخرى.
يوجه سماحته الرسالة الى الشباب. هو لا يود
ان يحل محل آبائهم لكنه -- في الحق – يحل محل اساتذتهم. هل يستمع الابناء الى
اساتذتهم او حتى الى آبائهم؟ نعم في احيان وليس في الاحيان كلها. من المفيد ان
نعلم كيف كان تلقي شباب الغرب للرسالة الاولى وقد مضى لها بعض الوقت، ومن المفيد
ان نترقب كيف كان وسيكون تلقي الرسالة الثانية. وتنبثق من هوية المخاطب تساؤلات اخرى.
سماحته رجل دين اولا وقبل كل صفة ثانية. هو في " شبه المعصومية" التي
يتمتع بها، أقرب الى قداسة البابا. هل وجه مخاطبات الى قداسة البابا والى مرجعيات
الغرب الدينية الاخرى كالبطريرك المسكوني ورؤوس المنظومة البروتستانية؟ لا أدري.
جانب ثان. للرسالتين مناسبتهما وهما اعمال
ارهابية شهدتها فرنسا. تعم الاعمال الارهابية العالم وحصة منطقتنا منها اعلى بكثير
من حصة فرنسا. هل يفكر سماحته بمخاطبة شباب العالم الاسلامي ومنهم اغلب من يطلق
عليهم لقب الارهابيين؟ من المستحسن عندي ان يقوم سماحته بذلك موضحا العلاقة، بل
التناقض، بين مفهوم الجهاد ومفهوم الارهاب.
ثم هل علينا انتظار مناسبة اعمال ارهابية
لنخاطب؟ أتطلع شخصيا الى معالجات اوسع للمسائل الفكرية التي تشغل العالم يقدمها
لنا شخص له مكانه المتميز. قد يكون حظ الرسالتين من اعماله اكبر من حظوظ اسهاماته
الكبرى، كما يتراءى لي، وقد اكون مخطئا.
بعض اهم مسائل الفكر المعاصر حاضرة في
الرسالتين. منها ما يتصاعد التداول فيه كفكرة الاعتذار. ومنها ما هو اكثر تقليدية
مثل المقارنة بين المآسي التاريخية وما ينبثق عن المآسي من محاولات تحديد المذنب
المسؤول. خصص سماحته الذنوب بالغرب. الا ان الذنوب كثيرة. لم يكن الغرب الراهن قد
انبثق من رحم التاريخ حين عقدنا حوارا في سقيفة بني ساعدة غاب عنه طرف فاعل، ما
كان ينبغي ان يَغيبَ أو ُيغََّيَب. كأن السقيفة استقت اسلوبها الحواري من أفسس.
ونعلم ان طرفي أفسس تجاوزا الخلاف مُعتمدَين على حسن النية المعتمدة بدروها على
التخريجات اللغوية. تجاوزاه مؤخرا بعد قرون من الدماء ابتدأ هدرها قبل سقيفة بني
ساعدة بقرنين. أما آن الاوان لهؤلاء واؤلئك في عالمنا الاسلامي ان يفعلوها؟
ثم ان سماحته يتحدث الى شباب الغرب عن ضرورة
العودة الى المصادر الاولى للإسلام. القرآن الكريم واحد مجمع عيه, أما الاحاديث
النبوية الشريفة فنعلم من امرها ما نعلم . وتزيدنا التفاسير حيرة. كما في الاسلام
كذلك في المسيحية واليهودية وأكثر. بل وتتبدى في المذاهب الفلسفية، التي تفتخر
دائما بانها دقيقة المصطلحات والتعابير، تتبدى فيها الظاهرة " التعددية
" نفسها. ضمن هذه المحددات، نجد ان أكثر ما يعرف به الاسلام في العالم وفي
الغرب خاصة هو ممارسات المسلمين. حضارية ممارسات المسلمين دليل ابلغ في النفس على
حضارية الاسلام من الدليل الذي تقدمه النصوص. وينبغي ان ينتقل بنا الفكر هنا
الى معنى " الحضارية"، والحديث يطول ان فعلت، لكنني لن اغادر ما انتهيت
اليه دون ان اسأل سماحته عما إذا كان ثمة امل في اقناع المسلمين كافة ببلوغ فهم
سماحته للإسلام. فاذا انعدم ذلك الأمل فما أحسن الصيغ لعيش واحد يضم جميع محبي
النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في مجتمع خال من العنف الجسدي؟ ولنضع في حسباننا ان
البابا فرانسيس الاول ذاهب اواخر هذا العام ليحتفي بذكرى من أعلن ثورة على اسلافه.
ولا ينتهي الكلام في شؤون الدين، وهو الخير
الاعظم للعالم والمسبب الاول للخلاف بين بني آدم. هو الخير الاعظم بروحه. وهو المسبب الاول للخلاف بحسن نية
اتباعه وسوئها معا. ولا يطيب لي ان اغادر اية كلمة من كلمات سماحته الا بعد
التدقيق والتعليق، والوقت بنا يضيق. فلأذهب الى ما وعدت به، وهو مسألة ارهاب
اسرائيل.
رابعا: الرسالة الثانية وارهاب اسرائيل: هل يكون يوم 2 /11/
2016 موعد رسالة من سماحته عن وعد بلفور؟
أرَّخَ سماحته لإرهاب الدولة الذي ترتكبه
اسرائيل بأكثر من ستين عاما. أرخه في موعد تلا تاريخ اعلان اقامة الدولة وهذا منطق
قانوني قويم. الا ان الارهاب الصهيوني ابتدأ قبل ذلك بكثير. منذ اواخر القرن
التاسع عشر ابتدأ الارهاب الصهيوني، وتجسد لاحقا بوعد بلفور. في كلام سماحته عن
اسرائيل والصهيونية دقة قانونية متزاوجة مع التعبير العاطفي عن مآسي الفلسطينيين،
ذلك التعبير الذي به يخاطِبُ الشباب. الاحظ انه لم يتحدث عن الصهيونية كشكل من
اشكال العنصرية والتمييز العنصري، بحسب ما نص عليه قرار الجمعية العامة 3379 لعام
1975، الملغى عام 1991. لم يشأ سماحته، كما يبدو، ان يدخل في جدلية عميقة عن طبيعة
الصهيونية مع شباب مشبع بتوصيف يبتعد بالصهيونية عن العنصرية، ولا يرادف بينهما. الا
انه قدم للشباب عناصر توضح العنصرية الصهيونية وترك لهم الاستخلاص. تحدث عن توسع
المستوطنات، والاستيطان هو المقوم الاول للعنصرية الصهيونية، وللشباب ان يصلوا بأنفسهم
الى النتيجة المنطقية المنبثقة عن الاستيطان. في اسلوب سماحته مهارة اداء وفيض من
حسن التدبر.
اساس تعامل الغرب مع حقيقة العالم الاسلامي
بعامة، وقضية فلسطين بخاصة، دعوة " الى تعطيل الفهم او نسيان الفجائع".
كان الاحرى بالغرب الاعتذار. هكذا قال سماحته في مبتدأ الفقرة عن " الحملات
العسكرية التي تعرض لها العالم الاسلامي في السنوات الاخيرة". لن يمانع
سماحته في ان اتابع فكرته عن الاعتذار فأقول ان الاعتذار الاول الواجب تقديمه الى عالم
العرب والمسلمين هو اعتذار بريطانيا عن اصدارها وعد بلفور، واعتذار الغرب
بكامله عن تأييده ذلك الوعد الوغد، واعتذار الامم المتحدة، بوصفها خليفة عصبة الأمم،
عن اصدارها صك انتداب على فلسطين يتضمن التعهد بتنفيذ وعد بلفور، وكل ذلك يناقض فلسفة
الانتدابات وينتهك القانون الدولي. موعد الاعتذار الآن وكل أوان، وبحد اقصى يوم
2 – 11 – 2017، اي يوم الذكرى المؤلمة لمئوية الوعد. هل يود سماحة الامام توجيه
رسالة الى العالم كله في الذكرى التاسعة والتسعين لوعد بلفور، في 2 – 11 – 2016 لكي
تُحشَدَ الجهود لبلوغ هدف نبيل يخفض مستوى التوتر في العالم وفي الجزء الخاص بنا
منه. قبل نيف وعشرة اعوام اتخذ المؤتمر القومي—الإسلامي، في دورته بالدوحة، قطر،
قرارا بهذا الشأن. ثم جرت الرياح بما لا يشتهي العاملون على العدالة من اجل
فلسطين. شغل ابناء قومنا في الخليج وغيره واستنزفت ثرواتهم. لم يبق فضل مال وفضل
جهد من اجل الاعتذار. ذهب المال والجهد لتدمير الصق الدول العربية بالحق
الفلسطيني.
خامسا: كلمتان في الختام:
اولاهما انني اذ قلت ما قلت، فقد مارست حرية
هي حقي منذ سئلت تقديم قراءة في رسالتي سماحته، ومارست معها الكشف عما بداخلي من تقدير وتوقير
لمن هو موضع تقدير وتوقير عالميين. فاذا اختلفت منطلقات سماحته الفكرية مع
المنطلقات الفكرية لعلمانيَّ في دولة تصف نفسها بالعلمانية ويتصاعد تأكيدها لتلك
الصفة، فمن الثابت ان منطلقاتنا الأخلاقية واحدة في التمسك بالحق، واوله: الناس
سواسية، واوله أيضاً: تعهدنا بالا ندع ببطن مكة ولا ببطن اي مكان في العالم مظلوما
دون ان نكون معه على ظالمه حتى ترد مظلمته. وطيب الله ثرى اجدادنا عاقدي حلف
الفضول، الجد الاعلى لمنظمة العفو الدولية.
وفي ثانية كلمتَي الختام اوصي بالوحدة، وحدة
عالم العرب والمسلمين، بل وحدة العالم في ظل الحق والعدل وبجهد العاملين من
اجل سيادة الحق والعدل. الارهاب اليوم هَمُّ والَمٌ مشترك للجميع، كما قال سماحة
الامام. العنف علاجٌ عاجل للإرهاب، اما العلاج الاجدى والابقى فإعمال العقل الكلي
الذي يهتم بالجميع. تلك خاتمة ارجو الا تغيب عن اي من أطراف الوضع السوري. بل اكاد
اقول انها جوهر رسالة سماحة الامام الثانية حين يُنَزَّل ذلك الجوهر على الوضع
السوري.
والسلام عليكم وعلى حماة الديار، ديار دولتنا
العربية السورية.
دمشق،
4 شباط 2016
جورج جبور
(1)
[1] وسابقا خبير مستقل لدى مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة وعضو مجلس الشعب
واستاذ ورئيس قسم السياسة في معهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة واستاذ محاضر
في قسمي الفلسفة والتاريخ بكلية آداب جامعة د مشق، وفي كليتي الحقوق والاقتصاد
بجامعة حلب، واستاذ زائر في عدد من الجامعات الأجنبية، ومستشار رئاسة الجمهورية
العربية السورية. ويعبر المقال عن رأي كاتبه الشخصي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق