حين ذكرت ان موقف سورية من قضية فلسطين، حين
ذكرت ان سورية لم توقع اي اتفاق مع اسرائيل، وكان ذلك في معرض ايضاح التباين بين حال
تونس ولجنتها الرباعية الحوارية وبين حال سورية ، حين ذكرت ذلك تحول عني
الميكروفون وانتهت المقابلة الهاتفية مع قناة فرانس فان كاتر . كنت اود ان اتابع
لاوضح ان الحوار يمكن له ان يقودنا الى السلم في سورية ، وربما قبل نهاية هذا
العام.سيكون فات الموعد السنوي لمنح جائزة نوبل للسلم . ستكون جائزتنا سورية تقدمها
سورية الى نفسها، يقدمها السوريون الى انفسهم. وستكون انفس بملايين المرات من
جائزة نوبل التي تمنحها اللجنة الخماسية المشكلة من البرلمان النرويجي.
كان فوز الرباعية التونسية مفاجأة سعيدة لي
شخصيا. في الايام الاولى لانتسابي الى حزب البعث العربي الاشتراكي في منتصف
الخمسينات ، كان في برنامج ثقافتنا الحزبية التعرف على اتحاد الشغل التونسي وكفاح
محمد علي القابسي في اطاره. ومهما قيل في ظروف تونس قبل حادثة البوعزيزي، بل حقبته،
كان في تونس المعهد العربي لحقوق الانسان. بل وقبل المعهد كان في تونس تقليد لا
ادري ان كان ما يزال متبعا، واود له ان يكون، بل اود لو تحذو كل الرئاسات العربية
حذو تونس في ذلك التقليد انه الاحتفاء الرئاسي باليوم العالمي لحقوق الانسان في
العاشر من الشهر الثاني عشر من كل عام.كان الرئيس بن علي حريصا على الاهتمام شخصيا
بتلك المناسبة ، متوجا الاهتمام بخطاب رئاسي . قولي هذا لا يعني انني لم اكن مهتما
بما يصلني من انباء عن وضعية حقوق الانسان في تونس مما هو موضع علم عام.
تحيي
في السنتان اللتان تجاوزت بهما ثلاثة ارباع القرن، تحيي في الرغبة في القص الذي --
كما ازعم – يزين المتن بهامش منعش.لدي قصتان واتابع عن نوبل السلم والسلم في سورية
القصة الاولى مسرحها سوري في تونس في
زيارتين. في الزيارة الاولى حث السوري صديقه المقرب من صاحب القرار لكي تكون في
خطبة يوم حقوق الانسان الرئاسية اشارة الى حلف الفضول. تلقى تأكيدا بان الاشارة
ستتم. لم تتم. في الزيارة الثانية سأل السوري صديقه المقرب : لماذا لم تتم؟
الاجابة: وضعت الاشارة في الخطبة وحذفت قبل الالقاء بمدة قصيرة لان الغنوشي نشر في
جريدة الشرق الاةسط مقالا عن حلف الفضول. قد يعلم بعض القراء انني اجعل
"مهنتي" منذ عام 1993 نسويق حاف الفضول بصفته اول تنظيم للدفاع عن حقوق
الانسان في العالم الى ان يثبت العكس. تبنت مفوضية حقوق الانسان في الامم المتحدة جوهر
ما ادعو اليه عام 2008. ما تزال اليونسكو بعيدة عن هذا التبني. لكن قصة الحلف مع
الرئيس بن علي طريفة منعشة . اليس كذلك؟
القصة الثانية من نتاج اليوم. صباح اثلاثاء
13 – 10 -- 2015 قرأت للاديب التونسي، الاستاذ حكيم مرزوقي ، في زاويته الاسبوعية
في جريدة البعث السورية ما لم اجد اية اشارة اليه في وسائل اعلامنا، اي الاشارة
الى جائزة نوبل التونسية . قد يكون بالصدقة انني لم اجد اية اشارة في وسائل
الاعلام السورية الى ما فرحت به تونس وفرح معها به العرب، كما اقدر. لا استطيع
الاحاطة بكل ما ظهر في وسائل اعلامنا. لكن حظي كان عاثرا في البحث عن الجائزة في
ما وقع بين يدي من وسائل الاعلام. فرحت اذ رأيت في الجريدة الناطقة باسم الحزب
مقالا عن الجائزة ، وفرحت بفحوى المقال. صاحبنا الحكيم حكيم مرزوقي يأمل بأن يرزق
السوريون بنوبلهم . ولم لا؟
هذا التساؤل هو محور هذه الاسطر. لم لا؟ من
يحول دون عودة السلم الى سورية؟ من ستطيع اعادته؟ ما مسؤولية بوتين؟ ومسؤولية
اوباما؟ ما مسؤوليتي انا المواطن السوري؟ انا، الجزء من الشعب السوري؟ اجابة نوبل
: الحوار ولجنته الرباعية. وهي اجابة تصلح في سورية كما تصلح في تونس. لكن من هي
لجنة الحوار الرباعية --- او الخماسية او السداسية --- في سورية؟ من هي اللجنة التي تستطيع ان تضغط
على الجميع ضغطا يضطرهم الى اعتماد الاقتراب لا الاحتراب؟
في دستور تونس، هكذا امتدحت الدستور التونسي
الجديد في المقابلة الهاتفية، فيه هيئات دستورية تبدو اعلى من السلطات الثلا ث
التقليدية. هل ولدت هذه الهيئات حقا؟ هل تعمل؟ يبدو لي ان هذه الهيئات هي بنات
اللجنة الرباعية . اللجنة هي الام الضاغطة التي وحدت الطرفين اللذين افترقا. هل اشتد
عود هذه الهيئات لكي ، حقا، تحكم فوق حكم الحكومات؟ الاجابة مبكرة ، فالتجربة
جديدة. الا ان وجود هيئات واشخاصا فوق الحكم والحكومات ، هيئات واشخاصل تتمتع و
يتمتعون بالاحترام من قبل الجميع او على الاقل من قبل كثيرين، عامل اساس في الوصول
بالحوار الى نتيجة مرضية. مثل هذه الهيئات ومثل هؤلاء الاشخاص لا يخلو منهم اي
مجتمع. سورية غنية بهم. قد يقدمون. قد يعملون معا. قد يعملون فرادى . الا ان من
الهام ان لا ان نتطلع اليهم فقط، بل ان نبحث عنهم ايضا. ان نتعرف اليهم. انهم الناس
العاديون في الشارع كما انهم قادة ميدان و
سياسة وفكر. يأتي الحوار بالاعاجيب . بلغة القرآن الكريم : " فاذا الذي بينك
وبينه عداوة كأنه ولي حميم". بشعر البحتري: " اذا اقتتلت يوما ففاضءت
دماؤها تذكرت القربى ففاضت دموعها". مواطنزنا
السوريونن سيأتوننا بنوبل سوري انفس من اي نوبل، وقد يأتون به من خلال الاتون الذي
نحن فيه ، وفي وقت لا يتجاوز نهاية هذا العام. أما تفصيل هذا التفاؤل ففي وقفة
ثانية . وتحيتي الى حكيم مرزوقي.
دمشق،
مساء الثلاثاء، 13 – 10 -- 2015 جورج جبور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق