نشرت جريدة الحضارة الدمشقية اليومية، بتاريخ 28 -- 1
-- 1956، على صفحتها الاولى، أول مقال للطالب جورج جبور. جاء المقال بمناسبة زيارة
الى سورية قام بها السيد داغ همرشولد، الامين العام للأمم المتحدة. ظهر المقال تحت
العنوان التالي:
" رسالة الى شولد: لن نؤمن الا بدواء نصنعه
نحن"
وهذا هو النص، بعد إجراء التصحيحات الطباعية:
" أيها الامين العام:
عندما تنزل من الطائرة، وترسم على وجهك طيف
ابتسامة، اعذرنا ان لم نرسم على وجوهنا أمثال ذلك الطيف.
عندما تغادر الطائر الميمون، وتنتشر في عينيك
ملامح الهناء، اعذرنا ان لم تنتشر في عيوننا تلك الملامح.
لأننا استقبلنا منذ زمن سلفك، ورسمنا على
وجوهنا اطياف الابتسام، ونشرنا في عيوننا ملامح الهناء، واكرمناه، واحتفينا به، وعلقنا
على صدره اوسمة التقدير، ولكن قناعه انكشف، وإذا بنا نرى وجهه الحقيقي، وإذا به
وجه صهيوني لئيم. ولا يزال، ايها الأمين، في حلقنا من مأساة الامل شجى، وفي
حناجرنا غصة.
فاعذرنا ... اعذرنا إذا لحظت منا البرودة
والفتور.
عندما يمضي بك روادك الى خيم تتلاعب بها
الرياح، وتعبث بكيانها الزوابع، فلا تتحدث عن السلام، بل تحدث عن الحق المهضوم،
وعن الباطل المسلح. تحدث عن رأيك في الحقد،
الحقد المرير الذي يسيطر على الملايين من العرب. تحدث عن البؤس المخيم على مليون
عربي شردتهم عن اراضيهم أطماع الدول الاستعمارية والصهيونية الباغبة.
أيها الامين:
عندما تقف على احوال المليون عربي لا تهز
كتفيك في لامبالاة وعدم اكتراث. فكر في البؤساء، لأنك تمثل الانسانية، ولأنك مسؤول
عنهم، فهم حفنة من البشر.
وعندما تضيق بنظرات الازدراء والتحقير تنهال
عليك، فاعذرنا لان الهيئة التي تتولى امانتها لم تكن امينة على الحق، حقنا نحن
العرب.
اعذرنا...
إذا لم نمهد طريقك بالورود، ولم نفرش دربك بالزهور، ولم نعطر الاجواء بأريج الفل
والزنبق، فليس في ايدينا ورود وزهور، وليس فيها فل وزنبق.
اعذرنا إذا لم تتحدث قلوبنا بغبطة اليك، ولم
يظهر في نفوسنا الانشراح، اذ ان قلوبنا ونفوسنا تنضح بالحقد.
وعندما تركب الطائر الميمون، لا بأس ان تنسى
جراحاتنا وأحزاننا، لأننا لم نعد نؤمن بجدوى الأدوية، إذا لم تكن من صنع ايدينا.
الطالب
جورج جبور". (انتهى).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق