الاثنين، 28 سبتمبر 2015

مذكرتا عام 2009 الى رئيس الجمهورية العربية السورية بشأن مشروع قانون الاحوال الشخصية



 الدكتور جورج جبور
عضو مجلس الشعب السوري 2003-2007
معاون النيابة العامة في اللاذقية 1960-1961
في وقت ما من عام 2008 او في الاشهر الاولى من عام 2009 شكل رئيس مجلس الوزراء لجنة مهمتها وضع مشروع قانون للاحوال الشخصية ، قيل ان الهدف منه ان يكون صالحا للتطبيق على كافة المواطنين السوريين. في سورية ثمة عدة قوانين للاحوال الشخصية ، اوسعها تطبيقا هو قانون الاحوال الشخصية للمسلمين. ثم ان لكل طائفة مسيحية قانونها الخاص.

وفي وقت سابق خلال الدور التشريعي الثامن 2003-2007 ، وكنت عضوا في مجلس الشعب، اقر المجلس قانون الاحوال الشخصية  الذي ينظم شؤون رعايا بطريركية انطاكيا والقدس ومصر للروم الكاثوليك. احيل مشروع هذا القانون الى المجلس بصفة الاستعجال، فاقر دون مناقشة حقيقية تذكر. وفي وقت لاحق زاد التنبه الى ما فيه، واهم ما فيه مساواته بين الذكر والانثى في موضوع الارث. كان القانون فتحا قانونيا ، لكن مقريه من اعضاء المجلس لم يكونوا مدركين ذلك.

اثارت المساواة التي اتى بها القانون الجديد ردتي فعل متناقضتين. فمن جهة رأى بها عدد من الزملاء اعضاء المجلس خروجا على النظام العام ، واغلب من رآها كذلك هم من المسلمين. ومن جهة اخرى رأى بها بعض المسيحيين من غير الكاثوليك اضعافا لطوائفهم ، اذ يقال ان بعض المسيحيين من غير الكاثوليك اخذ يتجه الى تغيير مذهبه تمسكا بمبدأ المساواة بين الذكر والانثى. وفي ملفاتي رسالة من احد اعضاء المجلس ترغب الي ان نتباحث في موضوع محاولة اصدار نص تشريعي للروم الاورثوذوكس،  يحاكي النص التشريعي الخاص بالروم الكاثوليك.

وكثر الكلام في شأن مبدأ المساواة الذي اخذ يتمتع به المواطنون السوريون وغيرهم من الكاثوليك . واذكر لرجال الدين الكاثوليك عقدهم عدة ندوات حافلة تشرح القانون الجديد. كانت الكنائس الكااثوليكية مكان عقد هذه الندوات، وكان يحضر ما شهدته منها عدد من اعضاء مجلس الشعب من المسلمين.

ثم راجت فكرة ان يكون لكل المواطنين السوريين قانون واحد يطبق على الجميع. وتنفيذا لتلك الفكرة  شكل رئيس الوزراء --ناجي العطري – لجنة تضع مشروع قانون جديدا للاحوال الشخصية. وكانت الصحف تأتينا بعض الاحيان بنتف عما يجري في اللجنة التي لا ريب انها ضمت بعض المسيحيين من رجال الدين ومن القانونيين.

وفي وقت ما ، قيل: اوشك مشروع القانون على الانتهاء. وأخت الصحف تنشر بعض نصوصه.
في صباح يوم10 حزيران 2009 قرأت انتقادا لمشروع القانون في جريدة النور الاسبوعية التي يصدرها الحزب الشيوعي السوري ( فيصل). أحببت انتقاد الجريدة للمشروع ، فارسلت بالفاكس، بعد دقائق من القراءة، الى مكنب السيد رئيس الجمهورية مذكرة هذا نصها:

" سيادة رئيس الجمهورية الموقر:
أطيب اتحية واعمق الاحترام وبعد:
اقتراح بعد تساؤل مشروع حتمه امران:

الامر الاول: ما قرأته في جريدة النور 10—6—2009 ص 4 : " على الزوجة الذهاب الى رعاية والدها اذا كان مريضا ولو كان غير مسلم".

الامر الثاني: قبل عشرين عاما بالضبط ، حزيرا 1989، سرق قاضي استئناف بحثه من بحث لي " سرقة تكاد تكون كاملة" وقدمه الى مؤتمر اتحاد المحامين العرب في دمشق. كان احتجاج وكان، بعد، تغريمي بمبلغ كبير من المال بتهمة القدح بقاض هو سارق فكري.

التساؤل المشروع: هل هبط مستوى قضاتنا وقانونيينا وفقهائنا الى درك عجيب جدا من الجهل؟

الاقتلراح: بسبب ما يثيره مشروع قانون الاحوال الشخصية من ارتباك ، أقترح ان تشكل لدراسته لجنة برئاستي.
بكل احترام
جورج جبور       10 – 6 – 2009" ( انتهى).

بعد عشرين يوما من ارسال المذكرة بالفاكس ، كانت مذكرة ثانية كما يلي:

"سيادة رئيس الجمهورية الموقر:

أطيب التحية واعمق الاحترام وبعد:

في اثنتين من جرائدنا اليومية الاربع كلمات مختصرة منسوبة الى رئيس مجلس الشعب عن ضرورة " نسيان" مشروع قانون الاحوال الشخصية .

اعد المشروع بتكليف من رئيس مجلس الوزراء . أعدته لجنة شكلها ناجي العطري. المرجعية هي رئيس مجلس الوزراء وهو من عليه ان يوضح، شارحا كيف اقدم، ولماذا تراجع، ولماذا عمم النص حتى جعل من فكرنا القانوني والفقهي مهزلة تطلبت ان ارفع الى سيادنكم مذكرة في 10 – 6- 2009 ارفقها هنا. لماذا ارفعها ثانية؟ لكي تنظروا سيادتكم في الامر الثاني ، وهو لعله أخطر بكثير من الامر الثاني.
بكل احترام.

جورج جبور   30- 6- 2009"0 (انتهى).

اكتب في 28 ايلول 2015: ما الامر الثاني؟         

انه الامر الذي ابتدأ بعد شهرين من انتقال عملي من القصر الجمهوري الى رئاسة مجلس الوزراء. في حزيران 1989  نشر اتحاد المحامين العرب بحثا حكمته نقابة المحامين السورية عن القرار 3379 . كان البحث في عداد الابحاث التي وضعت امام مؤتمر المحامين العرب في دمشق . تبين ان البحث مأخوذ في تسعين بالمائة منه من بحث لي سبق نشره في مجلة المناضل التي تصدرها القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي. وجدت لجنة شكلها اتحاد الكتب العرب من السيد عدنان بغجاتي نائب رئس الاتحاد، ومن السيد عيسى عصفور، النائب السابق لرئيس محكمة النقض، ومن الدكتور نعيم اليافي، الاستاذ في كلية آداب جامعة حلب، ان القاضي ، وجدت، بحسب النص الذي بعث به الي رئيس اتحاد الكتاب العرب في رسالة رسمية ان القاضي " أخذ بحثه من بحثكم وسرقه سرقة تكاد تكون كاملة". بما انني بعثت بالرسالة الى السيد وزير العدل ، وتابعتها في ظل عدم ورود اجابة من الوزير، فقد واجهت دعوى قضائية بتهمة القدح والذم بالقاضي ، وحكم علي بدفع مبلغ كبير من المال ، ونفذ الحكم. اي المهزلتين القانونيتين اعظم؟ مهزلة مشروع قانون الاحوال الشخصية ام مهزلة الحكم لقاض، سرقته الفكرية ثابتة، بتعويض عن اشهار رسالة هي تقرير رسمي من اتحاد الكتاب العرب ؟ او فلنقل: كان التغاضي عن جرم السرقة الفكرية من قبل عدد من القضاة، عام 1989 وما بعده، وفي مختلف درجات المحاكمة، حجر اساس في تكريس بل و مباركة جهل القضاة والفقهاء الذين وضعوا مشروع قانون الاحوال الشخصية.

دمشق في 28 ايلول 2015                          جورج جبور