الاثنين، 26 أكتوبر 2015

جبور وأول مقال منشور: 28 – 1 – 1956

نشرت جريدة الحضارة الدمشقية اليومية، بتاريخ 28 -- 1 -- 1956، على صفحتها الاولى، أول مقال   للطالب جورج جبور. جاء المقال بمناسبة زيارة الى سورية قام بها السيد داغ همرشولد، الامين العام للأمم المتحدة. ظهر المقال تحت العنوان التالي:

" رسالة الى شولد: لن نؤمن الا بدواء نصنعه نحن"

وهذا هو النص، بعد إجراء التصحيحات الطباعية:             

" أيها الامين العام:

عندما تنزل من الطائرة، وترسم على وجهك طيف ابتسامة، اعذرنا ان لم نرسم على وجوهنا أمثال ذلك الطيف.

عندما تغادر الطائر الميمون، وتنتشر في عينيك ملامح الهناء، اعذرنا ان لم تنتشر في عيوننا تلك الملامح.

لأننا استقبلنا منذ زمن سلفك، ورسمنا على وجوهنا اطياف الابتسام، ونشرنا في عيوننا ملامح الهناء، واكرمناه، واحتفينا به، وعلقنا على صدره اوسمة التقدير، ولكن قناعه انكشف، وإذا بنا نرى وجهه الحقيقي، وإذا به وجه صهيوني لئيم. ولا يزال، ايها الأمين، في حلقنا من مأساة الامل شجى، وفي حناجرنا غصة.

فاعذرنا ... اعذرنا إذا لحظت منا البرودة والفتور.

عندما يمضي بك روادك الى خيم تتلاعب بها الرياح، وتعبث بكيانها الزوابع، فلا تتحدث عن السلام، بل تحدث عن الحق المهضوم، وعن الباطل المسلح.  تحدث عن رأيك في الحقد، الحقد المرير الذي يسيطر على الملايين من العرب. تحدث عن البؤس المخيم على مليون عربي شردتهم عن اراضيهم أطماع الدول الاستعمارية والصهيونية الباغبة.

أيها الامين:

عندما تقف على احوال المليون عربي لا تهز كتفيك في لامبالاة وعدم اكتراث. فكر في البؤساء، لأنك تمثل الانسانية، ولأنك مسؤول عنهم، فهم حفنة من البشر.

وعندما تضيق بنظرات الازدراء والتحقير تنهال عليك، فاعذرنا لان الهيئة التي تتولى امانتها لم تكن امينة على الحق، حقنا نحن العرب.

 اعذرنا... إذا لم نمهد طريقك بالورود، ولم نفرش دربك بالزهور، ولم نعطر الاجواء بأريج الفل والزنبق، فليس في ايدينا ورود وزهور، وليس فيها فل وزنبق.

اعذرنا إذا لم تتحدث قلوبنا بغبطة اليك، ولم يظهر في نفوسنا الانشراح، اذ ان قلوبنا ونفوسنا تنضح بالحقد.

 وعندما تركب الطائر الميمون، لا بأس ان تنسى جراحاتنا وأحزاننا، لأننا لم نعد نؤمن بجدوى الأدوية، إذا لم تكن من صنع ايدينا.
الطالب جورج جبور". (انتهى).

الجمعة، 16 أكتوبر 2015

هل يعلن بدء العد التنازلي لمئوية وعد بلفور في 2 – 11 – 2015؟

اذا سئل اي  مهتم بقضية فلسطين: هل يصح ان يكون يوم مئوية وعد بلفور في 2 – 11 – 2017  يوما عاديا كغيره من الايام ؟ فمن المرجح ان تكون اجابته : لا. هذا لا يعني ان المجيبين ب: لا،   متفقون  بشأن ما ينبغي ان يكون عليه ذلك اليوم.

هل يمكن ان  يولد اتفاق بين المجيبين؟ ربما. هل من الضروري ان يكون هناك اتفاق؟  انه مستحسن ولكنه ليس ضروريا. هل الحوار في الاسئلة السابقة مفيد؟ نعم وبالتأكيد.

أقدم هنا اقتراحين بسيطين  قد يذهبان ادراج الرياح، وقد يثمران.

الاقتراح الاول: ان تبدأ  الهيئات  المهتمة بقضية فلسطين، ولاسيما منها التي تحمل كلمة فلسطين في  اسمها، العد التنازلي للمئوية  انطلاقا من  الذكرى 98  لصدور الوعد، اي في 2 تشرين الثاني نوفمبر 2015. يفصلنا عامان  عن المئوية،  وليست مدة عامين  بعيدة  زمنيا عن المناسبة الاساس.

الاقتراح الثاني: ان تنشر الجرائد اليومية  العربية على صفحاتها الاولى ، في يوم بدء العد التنازلي  للمئوية ، النص الحرفي للوعد. وبالطبع يمكن لكل صحيفة ان تعلق على النص كما تشاء، الا ان التركيز الذي اوصي به  هو التأكيد على  قصر رؤية  صناع الوعد. من وصفهم صناع الوعد بأنهم "جماعات  غير يهودية مقيمة في فلسطين" هم الشعب الفلسطيني،  وهو  الشعب الذي  يتواتر ذكره في قرارات الامم المتحدة اكثر من اي شعب آخر.هويته  الوطنية  تتمتع  بثبات لا ترقى اليه  هوية الجماعات اليهودية التي اتت الى فلسطين.
لست صاحب اختصاص في  القضية الفلسطينية يتفوق على اختصاص غيري. أكتفي بكتابة الاسطر السابقة  وبارسالها الى هذه الجريدة، .فان لم تحظ بالنشر ارسلتها الى جريدة اخرى.

الخميس، 15 أكتوبر 2015

الشاعر الاستاذ اديب طيار وحسنات الاضطهاد

فالعظيم العظيم من يرتقي النجم على همه وسرج شقائه

في امتحانات الشهادة الثانوية، فرع الاجتماعيات، عام 195 صدرت موضوع الانشاء في مقرر اللغة العربية ببيت شعر احفظه منذ الطفولة من مجموعة ابيات للشاعر الاستاذ اديب طيار  نظمها في ذكرى  وفاة المحامي الاستاذ عبد الله عبد الله  ونشرها في كتاب متواضع الحجم ، عظيم الاثر، كان في بيت العائلة عدة نسخ منه، عنوانه: حسنات الاضطهاد( اللاذقية، الطبعة الثانية، 1946، 76 صفحة) ربما كان للمطلع الشعري فضل في فوزي بالترتيب الاول في امتحانات الثانوية ذلك العام.

لا اخطئء اذا قلت ان الاستاذ طيار كان الاعمق اثرا في التحليق باذهان شبيبة صافيتا الى آفاق الشأن العام، المحلي والسوري والعربي. كان، رحمه الله، ثورة عاصفة يمارس، مع الاجيال الصاعدة، رياضة ما ندعوه اليوم" العصف الفكري" .

لن اؤرخ هنا للشاعر المربي في حياته الحافلة بالنشاط العام والادبي. اكتفي  بامرين.

1-      اختير عضوا في مجلس الامة، ايام الجمهورية العربية المتحدة، واشتهر بمداخلاته الجريئة  التي عرف الناخبين بها ، في النخابات عام 1973، من خلال نشره بعض محاضر مجلس الامة التي اوردت  نصوص مداخلاته. احب لسجله النيابي ان يكون "رأسماله" في المعركة الانتخابية. لكنه لم يفز.

2-      كان الرئيس حافظ الاسد، رحمه الله، احد طلابه في اللاذقية  خلال النصف الثاني من الاربعينات. في جزء من جلسة مريحة  لي مع الرئيس، اوائل السبعينات، كان ثالثنا حسنات الاضطهاد. اغتبطت اذ اكتشفت ان الرئيس يحفظ من اشعاره  ويعرف من مواقفه اكثر مما احفظ  واعرف.

اروع قصائده في الكتاب تلك التي نظمها في اربعين الشهيد المصري  المربي محمد فهمي  الذي كان منتدبا  لتدريس الرياضيات في تجهيز اللاذقية .عن مناسبة القصيدة هذه الاسطر: " عاد في الربيع الماضي الى اهله زائرا  فسقط قل الوصول اليهم  في مظاهرات الجلاء شهيدا". وهذه بعض ابيات القصيدة الطويلة التي بها  كان ختام الحسنات:

زأرت مصر فامتطى البرق في الشام الى النيل وهو بالنيل مغرم

,.......

فنبرى يزحم الصفوف الى الخصم وفي ثوبه حديد وضيغم

خاضها تحسب النجوم على الافق شراا من جمرها يتضرم

خاضها تجفل البروق اذا مرت على وجهها الغضوب المجهم

لم تكن غير رجة الطرف حتى صرع السيف في الوغى وتحطم

..........

.........

احمر الجرح، يا شقيقا لروحي، نم شهيدا، صلى عليك وسلم

انتقل الشاعر الاستاذ الى رحمة الله اوائل عام 1981 واقيم له حفل اربعين حافل في كنيسة مار ميخائيل في برج صافيتا  شاركت به وجوه ثقافية سورية بارزة وكانت لي فيه كلمة.  اصدرت وزارة الثقافة  ديوانا له  بعد وفاته. ويبقى ان يزين اسمه مبنى احدى مدارس صافيتا.

بريطانيا.. حان وقت الاعتذار



مذكرات شخصية ونقاط بشأن الاعتذار وأفكار لبرنامج عمل
 (1)
سألتني، ذات يوم قبل بضع سنوات، مجلة العودة التي يصدرها مركز العودة في لندن، كتابة مقال عن فكرة بدأت بالدعوة إليها في تشرين الأول 2002م عبر مقال نشرته جريدة البعث. ومن المفيد هنا  اثبات انه كان لذلك المقال صدى. جاء توقيت نشر المقال لكي يستبق موعد وعد  بلفور باسابيع قليلة فيسمح لمسوؤلي بريطانيا بالتفكر في كيفية التعامل معه.  بعد اسبوعين من ذكرى الوعد صدر تصريح لجاك سترو وزير خارجية بريطانيا  ينال به نيلا رفيقا منه. كان ذلك اول نيل رسمي من الوعد.

استجبت  لما سألتنيه مجلة العودة ، واحسنت المجلة اذ نشرته  على نحو أنيق بارز.

ساورني شعور بأنني أبلغت، بأنني غرستُ بذرة - ربما كان غيري قد سبقني إلى غرسها– في تربة صالحة.
مركز العودة الفلسطيني ومجلته يستحقان كل تقدير

ولم يخطئ شعوري. ففي يوم السبت 22/12/2012م وقعتُ بالصدفة على عدد تشرين الثاني 2012 من  مجلة العودة. أفرحتني مادة إخبارية بارزة في صفحاتها الأولى تفيد بأن مركز العودة أطلق حملة بعنوان: " بريطانيا! حان وقت الاعتذار". تهدف الحملة إلى جمع مليون توقيع على عريضة تطالب الحكومة البريطانية رسمياً بالاعتذار عن وعد بلفور وما تلاه.

وتضاعفت الفرحة بما قرأته في جريدة الثورة الدمشقية 21/1/2013م، ص/9/ من تفصيل عن المادة الإخبارية آنفة الذكر.

وحين سألتني مجلة زهرة المدائن الإسهام في عددها الخاص هذا وافقني تحريرها الرأي على أن خير ما يمكن أن أقدمه أفكار لبرنامج عمل يؤدي إلى اعتذار بريطاني عن وعد بلفور في موعد أقصاه 2/11/2017م، بمناسبة الذكرى المئوية لصدور ذلك الوعد الوغد. ولكن: ما هي فلسفة الاعتذار وما نفعه؟

(2)
أعدد عشر نقاط يحسن التفكير فيها وهي توجز بعض ما ورد في محاضرة ألقيتها يوم 24/8/2012 في مدينة تامبيري Tampere، فنلندا، بدعوة من المعهد الفلندي للشرق الأوسط:

1-  يُسهِم الاعتذار في تخفيف حدة العلاقات بين الدول والشعوب، وفي بلسمة جراح ولدتها مظالم تاريخية.
2-  فُرِضَت الاعتذارات، في عصرنا الراهن، على دول هزمت في الحروب.
3-  تقدّم الاعتذارات أيضاً من قبل بعض الدول أو الهيئات نتيجة شعور أخلاقي بظلم أوُقع بغض النظر عن هزيمة في حرب.اعتذارات قداسة البابا يوحنا بولس الثاني مثال باهر.
4-  تتباين الاعتذارات في صياغتها، بعضها واضح وبعضها أقل وضوحاً يركز على الأسف أو قد لا يتجاوز الشرح.
5-  في بعض الأحيان، يلتبس أمر الاعتذار. قد يعتبر طرف في خلاف تعبيراً معيناً بمثابة اعتذار في حين لا يرى فيه الطرف المقابل اعتذاراً. أوضح مثال على هذا الأمر "اعتذار" دي كليرك، رئيس جنوب إفريقيا الأبيض، وهو اعتذار يُؤَرَخ به لبدء تهاوي نظام الفصل العنصري هناك.
6-  خير الاعتذارات ما يتم التفاوض عليه بين الطرفين تفادياً لأي لبس.
7-  يفترض الاعتذار أن الماضي شهد وقوع خطأ. ثمة أخطاء كان مسموحاً بها في الماضي ولكنها أصبحت محرمة  الآن. هكذا شأن الاسترقاق. وهكذا يتطور شأن الاستعمار وعقابيله.
8-  ليس التمييز سهلاً بين خطأ تاريخي انتهى أمره، وبين خطأ تاريخي مستمرة عقابيله. في سفر أعمال الرسل من العهد الجديد ما يقال انه  إشارة إلى وثوق العلاقة بين المسيحية واليونان على حساب بُعد العلاقة بين المسيحية وآسيا. تلك إشارة من غير المقبول التسامح معها في عالم اليوم.
9-  ماذا يترتب على الاعتذار؟ لا جريمة من دون عقاب، إلا أن العقاب قد يكون مادياً وقد يكون معنوياً. تأبى دول كثيرة أن تعتذر لكي لا يلزمها تعويض. لعل من المناسب التفكير - تسهيلاً للاعتذار-  في الفصل بين الاعتذار والتعويض.
10-هل الاعتذار نهاية مطاف خاطئ تطوى بصدوره صفحة الخطأ ويستمر الوضع كما كان بعد أن تم التبييض؟ أم أنه بداية لتصحيح الوضع الخاطئ؟ ليس ثمة جواب سهل. تحدد الظروف مآل الاعتذار.

هي نقاط عشر وقد تمتد إلى مئة إن شئنا التفصيل. فلنفكر فيها وفي غيرها. يستحق الاعتذار منا تفكيراً عميقاً. بل قد تدفعنا الحماسة للاعتذار إلى النظر في إمكان إضفاء "شرعية دولية" عليه بإنشاء جهاز في الأمم المتحدة يُكلَّف بدراسة جدية حالات المطالبة به.

(3)
نأتي إلى برنامج العمل. مطلب الاعتذار حق، والطريق إليه ليس سهلاً.
أقنعت المسهامين في المؤتمر القومي– الإسلامي الذي انعقدت دورته في الدوحة، عاصمة قطر، أواخر عام /2006/، بضرورة وضع برنامج عمل يغطي العقد العاشر من الوعد الوغد أي يمتد من 2/11/2007م ليبلغ ذروته باعتذار يصدر في 2/11/2017. لم يقم المؤتمر الذي اتخذ القرار بأي عملٍ تنفيذي. كذلك لم ألمس في المادتين الإخباريتين اللتين اطلعت عليهما في مجلة العودة وفي جريدة الثورة آلية عملٍ واضحة تؤدي إلى بلوغ المطلوب.

وفشلت محاولاتي عبر الشابكة (الإنترنت) في الاتصال بقيادة مركز العودة للتشاور في برنامج العمل المؤدي إلى بلوغ المطلوب.

أما الأسماء التي قرأتُ في جريدة الثورة ارتباطها بإطلاق الحملة فتستحق كل التقدير. إلا أنها في الأهمية العملية لقيادة جهد سياسي كبير تبدو وكأنها متواضعة في قدرتها على القيام بتحريك عالمي واسع. في كل حال، أثق بالمركز وبدقة حساباته.

في إهدائي الطبعات الخمس من كتابي وعد بلفور خاطبت القادة العرب المجتمعين في قمة. القادة العرب مجتمعين في قمة هم المسؤولون قبل غيرهم عن المطالبة باعتذار.  ومن المفيد أنني حصلت على التزام من جامعة الدول العربية بإصدار بيان سنوي يتحدث -إلى حد ما- عن بشاعة الوعد. وبالفعل فقد أصدرت الأمانة العامة اول بيان لها  بهذا الشأن في 2/11/2007م، أي بمناسبة الذكرى التسعين.وما تزال تتبع  النهج نفسه منذئذ وحتى الآن.

إلا أن العمل الأجدى ينطلق من القمة وبتوقيع القادة العرب.

هل يزمع مركز العودة مخاطبة القمة العربية المقبلة في آذار؟ و \ او مخاطبة القمة الإسلامية؟ لا أدري. ذات يوم أعلنت عبر الصحافة السورية مسودة اقتراحات ببرنامج عمل لما تبقى من العقد العاشر من وعد بلفور. لم ألحظ تجاوباً. هل تكون خطوة مركز العودة في حملته المنطلقة من لندن أكثر حظاً من خطوات انطلقت من دمشق والدوحة والقاهرة وعمّان –حيث مقر الأمانة العامة لمؤتمر الأحزاب العربية وهي الهيئة التي تولت توزيع الطبعة الخامسة من كتابي على الاحزاب العربية ؟ أرجو ذلك.

أضع نفسي بتصرف مركز العودة في حملته، وما أظن أحداً ممن سيقرؤون هذا المقال إلا واضعاً نفسه بتصرف المركز، عاملاً على إنجاح حملة تتمتع -أخلاقياً- بكل مقومات النجاح.

الثلاثاء، 13 أكتوبر 2015

نوبل السلم للسلم في سورية. لم لا؟ وقبل انتهاء عام 2015

حين ذكرت ان موقف سورية من قضية فلسطين، حين ذكرت ان سورية لم توقع اي اتفاق مع اسرائيل، وكان ذلك في معرض ايضاح التباين بين حال تونس ولجنتها الرباعية الحوارية وبين حال سورية ، حين ذكرت ذلك تحول عني الميكروفون وانتهت المقابلة الهاتفية مع قناة فرانس فان كاتر . كنت اود ان اتابع لاوضح ان الحوار يمكن له ان يقودنا الى السلم في سورية ، وربما قبل نهاية هذا العام.سيكون فات الموعد السنوي لمنح جائزة نوبل للسلم . ستكون جائزتنا سورية تقدمها سورية الى نفسها، يقدمها السوريون الى انفسهم. وستكون انفس بملايين المرات من جائزة نوبل التي تمنحها اللجنة الخماسية المشكلة من البرلمان النرويجي.

كان فوز الرباعية التونسية مفاجأة سعيدة لي شخصيا. في الايام الاولى لانتسابي الى حزب البعث العربي الاشتراكي في منتصف الخمسينات ، كان في برنامج ثقافتنا الحزبية التعرف على اتحاد الشغل التونسي وكفاح محمد علي القابسي في اطاره. ومهما قيل في ظروف تونس قبل حادثة البوعزيزي، بل حقبته، كان في تونس المعهد العربي لحقوق الانسان. بل وقبل المعهد كان في تونس تقليد لا ادري ان كان ما يزال متبعا، واود له ان يكون، بل اود لو تحذو كل الرئاسات العربية حذو تونس في ذلك التقليد انه الاحتفاء الرئاسي باليوم العالمي لحقوق الانسان في العاشر من الشهر الثاني عشر من كل عام.كان الرئيس بن علي حريصا على الاهتمام شخصيا بتلك المناسبة ، متوجا الاهتمام بخطاب رئاسي . قولي هذا لا يعني انني لم اكن مهتما بما يصلني من انباء عن وضعية حقوق الانسان في تونس مما هو موضع علم عام.

 تحيي في السنتان اللتان تجاوزت بهما ثلاثة ارباع القرن، تحيي في الرغبة في القص الذي -- كما ازعم – يزين المتن بهامش منعش.لدي قصتان واتابع عن نوبل السلم والسلم في سورية

القصة الاولى مسرحها سوري في تونس في زيارتين. في الزيارة الاولى حث السوري صديقه المقرب من صاحب القرار لكي تكون في خطبة يوم حقوق الانسان الرئاسية اشارة الى حلف الفضول. تلقى تأكيدا بان الاشارة ستتم. لم تتم. في الزيارة الثانية سأل السوري صديقه المقرب : لماذا لم تتم؟ الاجابة: وضعت الاشارة في الخطبة وحذفت قبل الالقاء بمدة قصيرة لان الغنوشي نشر في جريدة الشرق الاةسط مقالا عن حلف الفضول. قد يعلم بعض القراء انني اجعل "مهنتي" منذ عام 1993 نسويق حاف الفضول بصفته اول تنظيم للدفاع عن حقوق الانسان في العالم الى ان يثبت العكس. تبنت مفوضية حقوق الانسان في الامم المتحدة جوهر ما ادعو اليه عام 2008. ما تزال اليونسكو بعيدة عن هذا التبني. لكن قصة الحلف مع الرئيس بن علي طريفة منعشة . اليس كذلك؟

القصة الثانية من نتاج اليوم. صباح اثلاثاء 13 – 10 -- 2015 قرأت للاديب التونسي، الاستاذ حكيم مرزوقي ، في زاويته الاسبوعية في جريدة البعث السورية ما لم اجد اية اشارة اليه في وسائل اعلامنا، اي الاشارة الى جائزة نوبل التونسية . قد يكون بالصدقة انني لم اجد اية اشارة في وسائل الاعلام السورية الى ما فرحت به تونس وفرح معها به العرب، كما اقدر. لا استطيع الاحاطة بكل ما ظهر في وسائل اعلامنا. لكن حظي كان عاثرا في البحث عن الجائزة في ما وقع بين يدي من وسائل الاعلام. فرحت اذ رأيت في الجريدة الناطقة باسم الحزب مقالا عن الجائزة ، وفرحت بفحوى المقال. صاحبنا الحكيم حكيم مرزوقي يأمل بأن يرزق السوريون بنوبلهم . ولم لا؟

هذا التساؤل هو محور هذه الاسطر. لم لا؟ من يحول دون عودة السلم الى سورية؟ من ستطيع اعادته؟ ما مسؤولية بوتين؟ ومسؤولية اوباما؟ ما مسؤوليتي انا المواطن السوري؟ انا، الجزء من الشعب السوري؟ اجابة نوبل : الحوار ولجنته الرباعية. وهي اجابة تصلح في سورية كما تصلح في تونس. لكن من هي لجنة الحوار الرباعية --- او الخماسية او السداسية  --- في سورية؟ من هي اللجنة التي تستطيع ان تضغط على الجميع ضغطا يضطرهم الى اعتماد الاقتراب لا الاحتراب؟

في دستور تونس، هكذا امتدحت الدستور التونسي الجديد في المقابلة الهاتفية، فيه هيئات دستورية تبدو اعلى من السلطات الثلا ث التقليدية. هل ولدت هذه الهيئات حقا؟ هل تعمل؟ يبدو لي ان هذه الهيئات هي بنات اللجنة الرباعية . اللجنة هي الام الضاغطة التي وحدت الطرفين اللذين افترقا. هل اشتد عود هذه الهيئات لكي ، حقا، تحكم فوق حكم الحكومات؟ الاجابة مبكرة ، فالتجربة جديدة. الا ان وجود هيئات واشخاصا فوق الحكم والحكومات ، هيئات واشخاصل تتمتع و يتمتعون بالاحترام من قبل الجميع او على الاقل من قبل كثيرين، عامل اساس في الوصول بالحوار الى نتيجة مرضية. مثل هذه الهيئات ومثل هؤلاء الاشخاص لا يخلو منهم اي مجتمع. سورية غنية بهم. قد يقدمون. قد يعملون معا. قد يعملون فرادى . الا ان من الهام ان لا ان نتطلع اليهم فقط، بل ان نبحث عنهم ايضا. ان نتعرف اليهم. انهم الناس العاديون في الشارع كما انهم  قادة ميدان و سياسة وفكر. يأتي الحوار بالاعاجيب . بلغة القرآن الكريم : " فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". بشعر البحتري: " اذا اقتتلت يوما ففاضءت دماؤها  تذكرت القربى ففاضت دموعها". مواطنزنا السوريونن سيأتوننا بنوبل سوري انفس من اي نوبل، وقد يأتون به من خلال الاتون الذي نحن فيه ، وفي وقت لا يتجاوز نهاية هذا العام. أما تفصيل هذا التفاؤل ففي وقفة ثانية . وتحيتي الى حكيم مرزوقي.
دمشق، مساء الثلاثاء، 13 – 10 -- 2015                       جورج جبور

جبور وامير ابو ظبي: نص مذكرة الى رئيس الجمهورية العربية السورية في 6 – 11 – 1972



" مكتب الدراسات العامة
امير ابو ظبي وقضية فلسطسن:
احتمالات اسهام الامير في انشاء مؤسسة دراسات الاستعمار الاستيطاني في القاهرة
"يعرف عن امير ابو ظبي اهتمامه بقضية فلسطين، لاسيما عن طريق تقديم الدعم المالي من اجل الاعام الدولي عنها. وبهذا الصدد تذكر مؤازرته للسيدة مارغريت ماكاي، النائبة السابقة في مجلس العموم البريطاني ،في جهودها للتعريف بقضية فلسطين بريطانيا.
كذلك يعرف عن الامير دعمه المالي لاصدقائه. وبهذا الصدد يقال في لندن انه قدم قرضا بمليون جنيه استرليني دون فائدة ولاجل غير مسمى الى اللورد تومسون صاحب جريدة التايمز اللندنية، لمساعدة تلك الجريدة على الخروج من ازمتها المالية.

ويال ايضا ان جماعة كابو – اي مجلي تعزيز التفاهم العربي- البريطاني --- قامت، او توشك ان تقوم ، بمسعى لدى الامير بغرض تقديم هبات لها تبني به مقرا لنفسها في مكان بارز من العاصمة البريطانية على ان تطلق اسم الامير على بعض صاات ذلك المقر.

وعلى هذا فانه ليس من خطل الرأي توقع اسهام الامير في تقديم دعم مالي للاقتراح الذي تبناه سيادة الرئيس بشأن انشاء مؤسسة لدراسات الاستعمار الاستيطاني في القاهرة ، لاسيما اذا جرى بحث هذا الامر مع الامير على نحو هادئ منطقي محوراه استثارة عاطفة الامير القومية وامكلن تسمية المؤسسة، كلها او بعضها، باسمه لدى الحاجة. ومن المعلوم ان اكثر ما يعوق انشاء المؤسسة المقترحة هو الوضع المالي الذي تعاني منه جامعة الدول العربية ، ولاسيما معهد البحوث والدراسات العربية التابع لها، والذي يقع في اختصاصه، ويبث الآن، موضوع انشاء تلك المؤسسة.

واذا قامت الجمهورية العربية السورية بهذا المسعى من اجل انشاء المؤسسة المقترحة فما ذلك الا انسجاما مع مسؤوليتها الطليعية في مضمار القضية الفلسطينية ، وهي في ذلك لا ترجو لنقسها اي مكسب خاص او مباشر . وتأتي جهود الجمهرية في هذا المجال تنفيذا لآراء الخبراء العرب ي الشؤون الافريقية ، وتنفيذا لتعميم الامانة العامة للجامعة بشأن الوسائل العملية التي يمكن لها ان تؤدي الى انشاء المؤسسة المقترحة ، والذي كان قد ارسل الى وزارات الخارجية العربية في نيسان 1972.

ويمكن لفت نظر الامير الى امكان الاسهام على النحو العملي التالي:

1-الحد الادنى للاسهام—مثلا – هو في توفير مقر للمؤسسة في القاهرة مساحته المهنية حوالي الف متر مربع. يستحسن ان يكون المقر قريبا من مقر معهد البحوث والدراسات، او مقر معهد الدراسات الافريقية في القاهرة. ويمكن ان تبرز على المبنى لوحة يتفق عليها يشار فيها الى ان المبنى تقدمة من الامي . هذا الحد الادنى يغطى بالطلع بجنيهات مصرية.
2- الحد الاعلى للاسهام –مثلا – هو فتح اعتماد بمبلغ نليون جنيه استرليني لتمويل النؤسسة بكاملها -- اي من توفير مقر ال انشاء مكتبة ، الى تمويل الباحثين العرب والافريقيين والاجانب، الى القيام بعمليات طبع وتوزيع البحوث --. ويمكن في الحالة تسمية المؤسسة بكاملها باسم الامير اذا رغب ذلك، وان لم يكن هذا المر بالطبع ضروريا او مرغوبا به كلية. كذلك يمكن تعيين آمر صرف للمؤسسة من قبل الامير نفسه وموافقة الجهات العربية المعنية.
وثمة بالطبع حدود وسطى كثيرة  للاسهام مثل تقديم الامير هبة لانشاء المكتبة -- المقدر ان تحتاج الى حوالي مائة الف جنيه استرليني اغلبها بالعملة الصعبة --.، ومثل تقديمه مقرا لاقامة الباحثين المدعويين، ومثل تغطيته نفقات سفر الباحثين المدعويين.
ولا بد على كل حال من ايضاح اساسيات للامير لتبقى ماثلة في الذهن منذ الخطوة الاولية ومنعا لكل سوء تفاهم في المستقبل:

2-بمقدار ما يقل حمل المؤسسة لاسمه، بمقدار ما تزداد جاذبيتها نفعاليتها، خاصة وان التوجه العام لقضية فلسطين، بحسب تقريب الاستعمار الاستيطاني، هو توجه تقدمي. وبهذا الصدد لا بد ان يكون الامير على شعور بذلك، هو واقرانه من امراء الخليج الذين يقومون بتمويل فعاليات فلسطينية اخرى كما هو شائع العلم.

2- يجب تمتع المؤسسة المقترحة بحلاية البحث والعمل الى اقصى حد، فلا يفرض " فيتو" على شخصية الباحثين مثلا او على نتيجة ما تتوصل اليه البحوث. وبهذا الصدد سيكون توجه المؤسسة معاديا لبريطانيا التي ولدت الدول الثلاث الاستيطانية الممارسة للاستقلال الآن، وهي جنوب افريقيا واسرائيل واروديسيا. وبهذ الصدد ايضا سوف تهاجم المصالح الامبريالية الدولية المستفيدة من استمرار الاستعمار الاستيطاني. ومع ذلك لن تنحو المؤسسة منحى التشهير، بل سيكون عملها علميا وموضوعيا حسب ارفع التقاليد العالمية للعلم ومما يذكر هنا ان الاتجاه الراهن للعلم، حتى في الولايات المتحدة نفسها، يناهض التأثيرات الضارة التي تمارسها المصالح الامبريالية الدولية ليس على شعوب العالم النامي فقط، بل على شعوب البلدان المتقدمة نقسها ايضا. كذلك يذكر هنا ان هذا الاتجاه ليس هو اتجاه جامعة الدول العربية فقط بل هو اتجاه الامم المتحدة بالذات.

3- متمولو الغرب كانوا وما يزالون المسؤولين الاوائل عن تمويل باحثي الغرب، تشهد بذلك كل جامعات ومعاهد الولايات المتحدة الامريكية واوروبا الغربية . يدفعهم الى ذلك، في جملة ما يدفعهم، حس بالمسؤولية الانسانية على نحو او آخر. واذا كان هذا الحس بالمسؤولية ألصق بنا نحن العرب من غيرنا، بسبب من تقاليدنا الاخلاقية والدينية والقومية ، فان مما لا شك فيه ان اشتراك هذا الحس بحس المسؤولية القومية يرتب على المتمولين العرب التزامات اعمق من التزامات متمولي الغرب. مع ذلك لا تمتد ايادي هؤلاء المتمولين العرب لتغذية البحث العربي باي شكل يذكر.

وليس من ريب في ان اقدام المتمزلين العرب على ما يطلب اليوم من الامير يعلي من قدرهم قوميا وانسانيا، على الاقل في نظر انفسهم، وان لم بعد عليهم باي نفع خاص او مباشر، بل حتى ان عاد عليهم يضده.

6 – 11 – 1972   جورج جبور"  انتهى. تم التنضيد في 4 ايلول 2015.