الجمعة، 24 يونيو 2016

جورج جبور وماريا زاخاروفا - تصريحان حول مذكرة الدبلوماسيين الامريكان


في 17/6/ 2016 نشر موقع سانا تصريحا للدكتور جورج جبور، رئيس الرابطة السورية للامم المتحدة قال فيه ان المذكرة " تكشف حقيقة صارخة ومحزنة بأن الدبلوماسيين الامريكيين لا يحترمون مهنتهم. وقال ان المذكرة " تتناقض مع الاعراف الدبلوماسية لأن على الدبلوماسي ان يؤمن بان الحل بالدبلوماسية وليس بالحرب ".

في جريدة الوطن التي تحمل تاريخ 23/6/ 2016، ص./3/ تصريح لماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية، وبه "اعربت عن صدمتها حيال دعوة الدبلوماسيين الامريكيين .... الى حل الازمة السورية بالقوة. عن صدمتها، لان هذه الدعوة وقعت من قبل دبلوماسيين، اي من أؤلئك الذين يجب ان يعملوا على ايجاد تسوية سياسية سلمية".

دمشق في 24 حزيران 2016

الأربعاء، 15 يونيو 2016

رسالة إلى سيادة رئيس الجمهورية حول إحداث وزارة لحقوق الإنسان

سيادة رئيس الجمهورية الموقر:
أطيب التحية وبعد:
من المناسب ان تضم الوزارة الجديدة وزيرا لحقوق لانسان. في دستورنا الجديد يرد تعبير حقوق الإنسان. كما ان اسم إحدى اللجان الدائمة في مجلس الشعب هو: " لجنة الحريات العامة وحقوق الانسان". في عام 2012 كان الدستور واللجنة، أي أنهما أحدثا في خضم الأحداث المؤلمة. وللتذكير أقول: في 28/2/ 2005 وافق بالاجماع أعضاء شعبة الحزب في مجلس الشعب على اقتراحي بضرورة إحداث لجنة دائمة فيه، باسم "لجنة الحريات والحقوق والواجبات العامة". ذهبت الموافقة إلى القيادة القطرية وغابت. ما أزال اتابع تقصي المسار الذي غابت فيه. وأذكر بمحبة وتقدير أن شعبة الحزب استشارتني حين نظر المجلس في إحداث لجنة الحريات العامة وحقوق الانسان.
 تتصدر تقديم كتابي: نحو لجنة في مجلس الشعب للحريات والحقوق والواجبات العامة (دمشق، دار نينوى، ايلول 2006) الكلمات التالية:
سئل السيد الرئيس بشار الاسد، رئيس الجمهورية، قبيل اعادة تشكيل الوزارة الحالية في شباط 2006، عما إذا كانت هناك نية لانشاء وزارة لحقوق الانسان، فأجاب:
"الآن نحن نناقش ها الموضوع وقد طرحنا خلال الأسبوع الاخير عدة آليات بهذا الاتجاه، وهل تكون هذه الآلية من داخل الحكومة أو من داخل مجلس الشعب أم جمعيات أهلية. لدينا جمعيات أهلية مسموح بها وهي غير مرخصة لكن الدولة لا تمنعها. الآن نبحث عن آلية أكثر قانونية تحقق النتائج بالنسبة لهذا الموضوع ولا تسمح بالاستغلال الشخصي ولا الخارجي".
(المصدر: مجلة المناضل، المجلة الداخلية لحزب البعث العربي الاشتراكي، يصدرها مكتب الاعلام والنشر في القيادة القومية، العدد 336، كانون الثاني 2006 ص 42 نقلا عن صحيفة الأسبوع المصرية الصادرة في 9/1/ 2006).
يجلس وزير حقوق الانسان في مجلس الشعب مواجها أعضاء المجلس. يسألونه فيجيب. يتم كل ذلك علنا امام الحضور وأمام وسائل الاعلام. العلنية مقوم أول من مقومات نجاح التعامل مع حقوق الانسان. لجنة الحريات العامة وحقوق الانسان لا تتمتع بمثل هذه العلنية. الحفاظ على اللجنة، وتقويتها، وزيادة علنيتها في مجلس الشعب الجديد أمور مطلوبة. إحداث وزارة مستقلة لحقوق الانسان خطوة أكثر تقدما. يثير إحداث وزارة في موضوع دقيق كحقوق الانسان مسائل قانونية وادارية متشعبة. في دولتنا من الخبرات ما يكفي للتعامل مع هذه المسائل بكل جدية ونجاعة. أسألكم الاقدام يا سيادة الرئيس، ففي إحداث وزارة مكرسة لحقوق الانسان فائدة للدولة، رئيسا ومواطنين. وفي الجلى من الصعوبات يكون الاقدام والاقتحام والتقدم.
بكل احترام
جورج جبور

النشرة الاسبوعية رقم /8/ : من السبت 28 /5 الى الجمعة 3/6/ 2016

1-      السبت 28/5: بدعوة من الجبهة الشعبية تكلمت عن يوم النكبة مستعيدا اسئلة مئوية وعد بلفور التي كنت طرحتها في يوم النكبة العام الماضي امام فصيل فلسطيني هو فتح الانتفاضة. كان النقاش ممتازا في العام الماضي وفي هذا العام، الا ان النكبة الحقيقية هي في عدم التمكن من العمل المفيد الموصل الى هدف محدد، ربما اننا لا نود تحديده. كان لي قبل لقائي مع الكوادر العليا للجبهة لقاء ثتائي دام أكثر من ساعة مع ابو احمد فؤاد، القائم بالمسؤولية الاولى في الجبهة، واتفقنا على نقاط عمل محددة يختص بعضها بمؤتمر القمة القادم في موريتانيا.

2-      الاحد 29/5: استلام نسختين اضافيتين من مجلة " العروبة"، لسان حال اتحاد طلاب جامعة دمشق عام 1960، وكنت رئيس تحريرها.
زيارة وزير دولة في مبنى مجلس الوزراء، وزيارة مسؤول في المجلس لبى طلبي بتقديم تعزية هاتفية الى موظف سابق في المجلس فقد ابنه في ظروف قاسية غامضة.
مساء في المنزل زارني صحفيان هنديان وسجلا مقابلة مطولة عن اوضاع سورية والمنطقة. احدهما وفيروز، أعرفه منذ مدة طويلة في مؤتمرات دولية وذكرني بمحاضرة القيتها في نيودلهي قبل بضعة عشر عاما ضمن اطار المنتدى الاجتماعي العالمي.

3-الاثنين 30/5: في مقابلة مع اذاعة صوت العرب: تكرار لمواقف سابقة بشأن ضرورة استئناف المحادثات السورية – السورية، وما تصل بها.
ايداع مخطوط لدى اتحاد الكتاب العرب للنظر على نحو غير رسمي في امكانية نشره كتابا. العنوان:" مذكرات الى رئيس مجلس الوزراء السوري: 1989". كانت وزارة الاعلام قد وافقت على الطباعة.

4 الثلاثاء 31/5: زيارة الى مدير ادارة التجنيد العامة، ولقاء صدفة في مكتبه مع عدة اشخاص بينهم سيدة عضو في مجلس الشعب عن مدينة دمشق.
 مقابلة مع اذاعة الجزائر: تكرار لمواقف سابقة.

5-الاربعاء 1/6: تبادل آراء مفيد وواضح في الشأن السوري مع صديق قديم راسخ في العمل العام.
اجتماع حوالي عشرة اشخاص في مكتب خالد عبد المجيد، منسق الفصائل الفلسطينية في سورية، للتباحث في انشاء هيئة قومية تعنى بحق العودة، وعقد مؤتمر تأسيسي لها في دمشق. اتفاق على خطوات تنفيذية اولية. في إطار الاجتماع ورد ذكر الالماني فولكر بيرثس، الذي يعتمد عليه دي ميستورا. تحدثت عن معرفتي به، وعن زيارته لي في المنزل قبل سنوات طويلة، وتطور الامر الى البحث عنه في غوغل، ووزع علينا المضيف صفحات عنه.ومنه. ضمن الاجتماع ايضا اشار المضيف الى اهتمام فلسطيني جاد بمواقفي حول مئوية وعد بلفور، كما وزع على الحضور أربع صفحات هي مقالان لي عن مئوية الوعد.

6- الخميس 2/6: الاجتماع الشهري للرابطة السورية للأمم المتحدة ، اعقبته ندوة عن اللجوء بمناسب يوم اللجوء العالمي ،وموعده 20 حزيران من كل عام. أدار ت الندوة الاستاذة أنيسة صيداوي وتحدث فيها كل من الدكتور اراهيم سعيد والمحامي أحمد السراج.
ظهر اليوم في جريدة " البناء" اللبنانية، صفحة الثقافة، مقال لي كان عنوانه الاصلي " مشاغبات فكرية" . نشرته الجريدة تحت عنوان فرعي هو:" من الكرواسان...".
 
7- الجمعة 3/ 6: تصريح نشرته سانا عن مؤتمر باريس للسلام ، وبه الحاح على الدور التاريخي الذي لعبته فرنسا ، من خلال الصحفي هرتزل، في نشوء الفكرة الصهيونية عام 1894 ضمن اطار ملابسات مسألة دريفوس، وتطور الفكرة الى منظمة اشهرها مؤتمر بال عام 1897.

السبت، 4 يونيو 2016

29 أيار 1945 يوم العدوان الفرنسي على مجلس النواب السوري والمادة 78 من ميثاق الأمم المتحدة

هل ثمة علاقة بين العدوان الفرنسي على مبنى مجلس النواب السوري يوم الثلاثاء في 29 ايار 1945 وبين المادة 78 من ميثاق الأمم المتحدة؟ هذه الكلمات المختصرة مخصصة لمحاولة الاجابة عن هذا السؤال.

الفائدة من الإجابة بالإيجاب واضحة من دواعي الاعتزاز الوطني السوري ان تستطيع حادثة ظلم تعرّض لها السوريون على أيدي المستعمر الفرنسي في الإسهام بإنتاج أثر عالمي تمثل في المادة 78 من ميثاق الأمم المتحدة. أذكر هنا انّ مواطني جنوب أفريقيا يشعرون بالاعتزاز لأنّ الأمم المتحدة اختارت يوم مذبحة شاربفيل يوماً عالمياً للقضاء على العنصرية. والأمثلة المشابهة كثيرة. ثم انّ من الطبيعي ألا نبالغ في أهمية الأمر الذي أخصص له هذه الأسطر، إلا انّ تذكره في يوم 29 ايار من كلّ عام يُشعِر السوريين بمزيد من الارتياح الى النتيجة الإيجابية التي وصلوا اليها بسبب وقوف العالم معهم في مواجهة العدوان الفرنسي.

وألاحظ من البداية انّ القول بوجود علاقة بين العدوان على مبنى مجلس النواب وبين المادة 78 انما يعتمد على القرائن. ليس بين أيدينا ما يشبه ان يكون وثيقة رسمية بهذا الشأن. ليس بين أيدينا مذكرات شخصية من السوريين الذين شاركوا في صياغة الميثاق تتحدّث عن اثر 29 ايار في إنتاج المادة 78. اما الجهد البحثي المطلوب لتعميق القرائن فلم يبذل بعد، ولعلّ من المستحسن ان يبذل، واول الجهد البحثي سهل متوفر هنا في سورية، ألا وهو الرجوع الى جرائدنا اليومية في المكتبة الوطنية. اما أفضل الجهد فهو الرجوع الى وثائق مؤتمر سان فرانسيسكو، ولعلها متوفرة ورقياً في احدى المكتبات السورية الرسمية، لأنّ الامم المتحدة كانت حريصة، زمن الورق، على ان تكون وثائقها متوفرة في مكتبة واحدة على الأقلّ في كلّ دولة من الدول الأعضاء. ومن المرجح انّ عودتنا الى وثائق سان فرنسيسكو متيسّرة على نحو سهل في زمننا الالكتروني. الأسئلة التي ينبغي على الباحث الوصول الى إجابات عنها هي التالية: هل كان ثمة أصل للمادة 78 في مشروع الميثاق الذي وزع قبل المؤتمر؟ من صاغ المسودة الاولى للمادة؟ هل هو الوفد السوري، ولا سيما منه الدكتور فريد زين الدين؟ هل عارضت فرنسا بجدية صيغة المادة؟

أما الجهد البحثي الذي قمت به، والذي أدّى الى تولد القرينة، فهو مراجعتي لمحاضر جلسات مجلس النواب لدى مناقشة المجلس مسألة المصادقة على الانضمام الى منظمة الأمم المتحدة. شغلت تلك المناقشات اياماً في النصف الثاني من آب 1945.

ماذا تقول المادة 78؟ النص كما يلي: «لا يطبق نظام الوصاية على الأقاليم التي أصبحت أعضاء في هيئة الأمم المتحدة، إذ العلاقات بين أعضاء هذه الهيئة يجب ان تقوم على احترام مبدأ المساواة في السيادة».

المادة واضحة في هدفها. انها تريد الحيلولة دون تكرار خيبة أمل سابقة أعقبت إنشاء عصبة الأمم عام 1919. وعدت بريطانيا العرب بالاستقلال آنذاك، فاذا بها تقبل ان توضع سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي. خشي السوريون، في ظلّ الأمم المتحدة الناشئة التي ابتدعت نظام الوصاية على الدول الضعيفة، خشي السوريون من ان يتحوّل وضعهم من دولة تحت الانتداب الى دولة تحت الوصاية. ذلك كان أحد الهموم التي رافقت الوفد السوري حين ذهب الى سان فرانسيسكو. ننظر اليوم الى ذلك الهمّ فلا نراه مبرّراً. كانت فرنسا قد أعلنت انتهاء الانتداب، اعلنته رسمياً مرات، بدءاً من صيف 1941. إلا انّ سورية المستقلة الناشئة، المعتادة على مكائد الأقوياء، كانت تخشى من الخطط الخبيثة. كان همّها في سان فرنسيسكو ان توضع في الميثاق، تحصيناً لاستقلالها، فكرة كالتي تضمّتنها المادة 78.

أين يدخل العدوان على مبنى المجلس في خضمّ المعركة الدبلوماسية السورية ضمن إطار مؤتمر سان فرانسيسكو؟

في 24 نيسان 1945 عقد المؤتمر المنشئ للأمم المتحدة، ودام شهرين. بعد أيام قليلة من انتصافه كانت حادثة العدوان. ولم تكن تلك الحادثة منفصلة عن التنافس البريطاني الفرنسي الشرس على سورية، ذلك التنافس الذي تعود أسبابه المباشرة الى دخول القوات البريطانية سورية من جنوبها صيف 1941، وفي معيّتها قوات الجنرال ديغول، ايّ فرنسا الحرة. كانت المهمة مطاردة قوات حكومة فيشي. في ذلك الوقت، تبلورت لدى فرنسا فكرة انّ لها الحق في ان تكون المتفوّقة عسكرياً وسياسياً على بريطانيا في سورية، فهي الدولة المكلفة بالانتداب، وكانت الحقائق على الأرض تقول العكس. توترت الأجواء بين الدولتين الاستعماريتين، لا سيما منذ بدء تشكل جامعة الدول العربية برعاية بريطانية. كانت فرنسا ترى انّ مشروع الجامعة انما هو سحب لنفوذها من سورية ولبنان. اشتدّ شعور فرنسا بالخسارة منذ توقيع ميثاق جامعة الدول العربية، في آذار 1945. تصاعدت استفزازاتها العسكرية والسياسية، وتوّجت بإدخال مزيد من القوات السنغالية العاملة في إطار جيش الشرق. وجيش الشرق هذا لا يزال موجوداً حتى الآن، وهو يضمّ جنوداً من غير الفرنسيين، وبخدمتهم فيه تمنح لهم الجنسية الفرنسية. الا انّ كلّ ذلك ما كان له ان يقود الى تفجر الموقف لولا البطولة في تنفيذ القرار الوطني، تلك البطولة التي تجسّدت في ما قام به البطل الشهيد عبد الله باش، رئيس حامية المجلس، حين رفض تأدية التحية للعلم الفرنسي، متحدياً بذلك الطلب الفرنسي… وفي خضمّ واقعة العدوان كان أمران لهما اثرهما. الأمر الأول هو إنذار تشرشل الموجه الى ديغول بوقف العدوان وبإعطاء الأوامر للجيش البريطاني بالتدخل لوقفه. الأمر الثاني هو نجاح سعد الله الجابري، رئيس مجلس النواب، في الوصول الى بيروت حيث استطاع ان يكون موضع اهتمام إعلامي عالمي واسع، ترتب عليه تأمين إدانة عالمية واسعة للعدوان استجاب لها مؤتمر سان فراسيسكو الذي شغل بالموضوع. وفي الشروح التي قدّمها فارس الخوري، رئيس الوزراء، أثناء مناقشة التصديق على ميثاق الأمم المتحدة، كلام دقيق عن المدى الكبير من الاهتمام الذي أولاه المؤتمر لحادثة العدوان. ثم انّ فارس الخوري ختم بياناته في المجلس مطالباً بالتصديق على الميثاق، ختمها بكلمات واضحة عن المادة 78، اذ قال إنها: «وضعت خصيصاً من أجل سورية ولبنان».

أعود الى البداية: من المفيد في 29 أيار من كلّ عام، وفي الحدود الموضوعية المبيّنة أعلاه، ان نقول بأنّ دم شهداء البرلمان أسهم في إنتاج المادة 78 من الميثاق. تكاد القرينة تبلغ مقام الدليل الثابت في عالم الدبلوماسية الذي تقلّ فيه الأدلة الثايتة على اثر أحداث معينة في صياغات الوثائق والمواثيق.

وتبقى كلمة واحدة لا أشعر بالارتياح اذ أذكرها وذكرها واجب في كلّ حال… ليس في كتبنا الجامعية المتعاملة مع الامم المتحدة إشارة الى المادة 78 التي عرفني، عام 1964، بأنها «مادة سورية» استاذ في الجامعة الاميركية بواشنطن سبق له ان عمل مع وفد بلاده الى مؤتمر سان فرنسيسكو. أرجو من أساتذتنا الذي يقومون بتدريس الأمم المتحدة لطلابنا الجامعيين، ان يتكبّدوا مشاق الاطلاع على محاضر مجلس النواب ليتأكدوا من كلام بليغ قاله فارس الخوري – هذه المادة وضعت خصيصا من أجل سورية ولبنان -، ولينقلوا هذا القول الى طلابنا. اليس في تعليم طلابنا هذا العلم ما يزيد من اعتزازهم بوطنهم ومواطنيتهم؟ نعم!

دم شهداء حامية البرلمان 1945 أسهم في صياغة المادة 78 من ميثاق الأمم المتحدة

دمشق
الثورة
متابعات سياسية
الأحد 29-5-2016
يرى الباحث الدكتور جورج جبور رئيس الرابطة السورية للامم المتحدة ان ثمة علاقة بين العدوان الفرنسي على مبنى مجلس النواب السوري في 29 ايار 1945 وبين المادة 78 من ميثاق الامم المتحدة التي اقرتها المنظمة الدولية خلال مؤتمر انشائها في سان فرانسيسكو خلال العام نفسه.
ويقول جبور في تصريح لـ «الثورة» بمناسبة الذكرى الحادية والسبعين للعدوان على مبنى البرلمان التي تصادف اليوم: انه من دواعي الاعتزاز الوطني السوري ان تستطيع حادثة ظلم تعرض لها السوريون على أيدي المستعمر الفرنسي الاسهام بانتاج أثر عالمي تمثل في المادة 78 التي تنص على انه لا يطبق نظام الوصاية على الاقاليم التي أصبحت أعضاء في هيئة الامم المتحدة اذ أن العلاقات بين أعضاء هذه الهيئة يجب ان تقوم على احترام مبدأ المساواة في السيادة.‏
ويضيف ان العدوان الفرنسي على مجلس النواب في التاسع والعشرين من ايار تزامن مع عقد المؤتمر المنشئ للأمم المتحدة في سان فرانسيسكو في 24 نيسان 1945 ودام المؤتمر شهرين ويشير في هذا الاطار إلى الشروح التي قدمها فارس الخوري رئيس الوزراء السوري أثناء مناقشة المجلس مسالة المصادقة على الانضمام إلى منظمة الامم المتحدة في النصف الثاني من آب 1945 حول الاهتمام الكبير الذي أولاه مؤتمر سان فرانسيسكو لحادثة العدوان مطالبا المجلس بالتصديق على الميثاق بكلمات واضحة عن المادة 78 اذ قال انها وضعت خصيصا من أجل سورية ولبنان.‏
ويقول جبور ان الهدف من المادة الحيلولة دون تكرار خيبة أمل سابقة أعقبت انشاء عصبة الامم عام 1919 حيث وعدت بريطانيا العرب بالاستقلال انذاك فاذا بها تقبل ان توضع سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي.‏
ويتابع: خشي السوريون في ظل الامم المتحدة الناشئة التي ابتدعت نظام الوصاية على الدول الضعيفة من ان يتحول وضعهم من دولة تحت الانتداب إلى دولة تحت الوصاية.. وكان ذلك أحد الهموم التي رافقت الوفد السوري حين ذهب إلى سان فرانسيسكو.. فسورية المستقلة الناشئة المعتادة على مكائد الاقوياء كانت تخشى من الخطط الخبيثة وهمها في سان فرانسيسكو ان توضع في الميثاق تحصينا لاستقلالها فكرة كالتي تضمنتها المادة 78.‏
ويختم جبور بالقول من المفيد التذكير في 29 أيار من كل عام بأن دم شهداء حامية البرلمان أسهم في انتاج المادة 78 من ميثاق المنظمة الدولية التي عرفها أستاذ في الجامعة الاميركية بواشنطن سبق له ان عمل مع وفد بلاده إلى مؤتمر سان فرانسيسكو بأنها مادة سورية.‏
 
 

حوار مع سبوتنيك

مفكر عربي... حول إدارة الخلافات والتحالفات في الشرق الأوسط وموقع السعودية منها

بعد بدء مرحلة ما سمي بالربيع العربي، وفي ظل المتغيرات التي تعيشها المنطقة العربية، والشرق الأوسط ككل، طفت على السطح خلافات وتحالفات إقليمية أثرت بشكل واضح وكبير على العلاقات الثنائية بين هذه الدول أو تلك من دول المنطقة.

ولكل منها أسبابها ومسبباتها السياسية والجيوسياسية وحتى الجغرافية والديموغرافية. وبالمجمل ألقت هذه المتغيرات بظلها على الحالة العامة في منطقة الشرق الأوسط التي كانت على موعد لبناء مشروع معد مسبقا أطلق عليه "الشرق الأوسط الكبير ". لكن يتضح من النتائج الحالية التي أتت مابعد ما يسمى بالربيع العربي، قد تقود إلى ما يشبه "الشرق الأوسط المقسم"، وفق أجندات وبرامج مستقبلية تخدم مصالح دول إقليمية ودولية بعينها، وهذا ما حوّل المنطقة إلى منطقة أحلاف ومحاور تواجه بعضها البعض، في ظل غياب الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن اتخاذ أي إجراء حاسم يصلح ذات البين لهذه الدول.

وبالطبع برزت في هذ المرحلة أدوار واضحة وفي اتجاهات مختلفة في طريقة التعامل مع الظروف الراهنة، وعلى رأس هذ الدول إيران وإسرائيل والسعودية وعلاقتها بمجريات الأحداث سواء بالتحالف أو بالتنافر فيما بينها وخاصة التحالف السعودي الإسرائيلي غير المعلن رسمياً، والتوتر الإسرائيلي الإيراني المعلن رسمياً من قبل الطرفين، فكيف أثرت وتؤثر كل هذه المعطيات على الوضع في الإقليم؟ وكيف يمكن تقييم الأدوار التي تلعب الأجندات الدولية فيها دوراً أساسياً.

حوارنا اليوم مع شخصية عربية عمل مستشاراً للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، ورئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة، وخبير سابق لدى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة

الدكتور جورج جبور

سبوتنيك: كيف تنظرون إلى سياسة الملك سلمان الجديدة في ضوء أزمة الشرق الأوسط؟

د.جبور: هو يحاول أن يكون له دور في منطقة الشرق الأوسط أكثر من الدور الذي تمتّعت فيه المملكة السعودية في السابق.

سبوتنيك: بالنظر إلى الدور الذي باتت تلعبه الرياض وخاصة سياسة الملك سلمان تجاه دعمه لطرف على حدة في سوريا واليمن تحديدا وتأجيج حدّة الصراع،

كيف تشاهد ذلك الدور ولماذا تحاول المملكة السعودية كما يرى البعض أنها تسعى لتطويق قبضتها على منطقة الشرق الأوسط؟

د.جبور: من الممكن القول إن الحكم الحالي في المملكة السعودية يسعى لملء الفراغ الذي سبّبه الرئيس الأميركي أوباما بإعلانه أنه لا يهتم كثيراً من الناحية العسكرية في الشرق الأوسط، فأحبّت السعودية أن تأخذ من الولايات المتحدة الأميركية هذا الدور العسكري.

سبوتنيك: بالنظر إلى تصريح أوباما الذي صدر مؤخراً بأن المملكة السعودية راعية للإرهاب،

هل هذا التصريح من وجهة نظركم هو بداية فجوة حقيقية بين المملكة وواشنطن؟ أم لهذا التصريح مغزى آخر خاصة في ضوء اقتراب نهاية فترة ولاية أوباما؟

د.جبور: الرئيس الأميركي أوباما يحاول أن يترك انطباعاً إنسانيّاً إيجابيّاً في فترة الحكم التي أمضاها في البيت الأبيض، هو ربما كان مخلصاً لنفسه حين تحدّث عن موضوع رعاية السعودية للإرهاب، لكن هذا لن يشكّل فجوة كبيرة في العلاقة بين أميركا والسعودية.

سبوتنيك: إذا ما نظرنا بعين المراقب للتغييرات المفاجئة وغير المسبوقة في الأسرة الحاكمة في المملكة السعودية، البعض رآها بأنها مؤشر لوجود خلافات عميقة تؤرّق النظام الحاكم، فما هي رؤيتكم لهذه التغييرات وهل تتفق مع قول إنها نتيجة لخلافات أم لك رؤية مختلفة؟

د.جبور: ليست لدي معلومات موثوقة في هذا الأمر وأفضّل أن لا أدخل في تكّهنات عائلية صعبة، لكن ما يهمّني قوله إن الأسرة الحاكمة السعودية استطاعت أن تحافظ بتماسك قلَّ نظيره بين الأسُر الحاكمة العربية وكان ذلك عبر ما يُقرب من 100 عام.

سبوتنيك: هل ترون أن الغرب وخاصة واشنطن بدأت تتراجع عن تأييدها لمواقف الرياض؟

جبور: ليس تراجعاً كبيراً بل هو  تراجع نسبي، وفي كل حال ثمّة مصالح كثيرة بين الغرب وبين السعودية، مما يجعل هذا التراجع غير ذي أثرٍ كبير.

سبوتنيك: بخصوص علاقة المملكة مع تل أبيب، المشاهد العربي يرى أن ما تفعله الرياض وتقوم به يرضي تماماً الجانب الإسرائيلي من حيث إشعال الفتنة في المنطقة، هل لك أن تتوقّعون أن ذلك يتم بناءاً على اتفاق بين الطرفين؟ وما هي دلالاتكم على ذلك؟

د.جبور: هذا السؤال من الصعب الإجابة عليه في ظل تطور العلاقات بين كثيرٍ من الدول العربية وإسرائيل وعلى نحوٍ مكشوف. وفي كل حال ينبغي علينا دائماً أن نتمسّك بالأساسيات ومن هنا أقول إنه من المناسب اهتمام الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية ودول منظمة التعاون الإسلامي بالذكرى المئوية لوعد بلفور، حيث ستشكّل هذه المناسبة نقطة عالمية للحديث عن الحقوق الفلسطينية التي أتى وعد بلفور وانتهكها ثم انتهكتها سياسات الدول الغربية قاطبة. ثم نعلم الآن عن أن هناك علاقات وثيقة بين بعض الدول العربية وبين إسرائيل وهذا أمر معروف وأستطيع أن أعرف المدى الذي وصلت إليه العلاقة بين السعودية وإسرائيل. إلا أن بعض مسؤولي إسرائيل يريدون أن يضخّموا من شأن هذه الأمور، ربما من أجل أن يصطادوا في المياه العكرة.

سبوتنيك: قرار مصر الأخير بالتنازل عن حقها  في جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، كيف تقيمون ذلك وهل صبّ في صالح الجانب الإسرائيلي؟ ولماذا من وجهة نظرك لم تعارض مصر ذلك؟

د.جبور: تقول مصر وتقول المملكة السعودية إن القانون الدولي يفرض هذا الأمر وأنا أستطيع أن أكتفي بهذا الجواب وفي كل حال يُثار من هذا الجانب، الجانب السياسي في هذا الموضوع من قبل معارضة الرئيس المصري (السيسي) ومن قبل فئات مهنية كثيرة في مصر وهنا الأمر متروك لإخوتنا في مصر.

سبوتنيك: لماذا طهران والمقاومة اللبنانية حزب الله هما الكابوس الأكبر لآل سعود برأيك؟

د.جبور: هل نستطيع أن نقول إن السعودية هي أيضا كابوس لإيران وحزب الله، أنا أحب أن تُبنى العلاقة بين إيران والسعودية على أساسٍ من الاحترام المتبادل من الأخوّة في الجغرافيا ومن الأخوّة في الإيمان في الإسلام وبحقوق الإنسان كما حدّدها الإسلام والقانون الدولي. وهذا التوتر الشديد بين بلدين مسلمين هامّين ليس لصالح الإسلام،  وإذا كنّا في علم الوساطة الدولية وفي علم المصالحات وعلم الأخوّة وفي علم صلح الحديبية، وإذا كنا من المتعمقين في علم صلح الحديبية، فإني أقول إن على الطرفين أن يسوّيا المشاكل بروح  صلح الحديبية وكلاهما مؤمن وليس بينهما طرف مشرك. وللسعودية مكان خاص في قلبي ولإيران مكان خاص في قلبي ولي في هاتين الدولتين الإسلاميتين الكبيرتين أصدقاء ولي مساهمات فكرية عرفتها طهران وعرفتها الرياض، ويهمني  جدا أن أساهم قدر الإمكان في إزالة التباسٍ في العلاقات بين الطرفين، التباسٌ لا تستفيد منه إيران ولا السعودية.

سبوتنيك: نعلم أن لطهران من القوة الكثير لدحر الإرهاب وموقفها بدا واضحا تجاه سوريا، فلماذا تُحَارَب طهران من الكثير برغم موقفها المجابه للإرهاب؟

د.جبور: إيران تُحارَب ليس لموقفها من الإرهاب بل لأن لها سياسة مستقلة تطورت إلى حد أنها أصبحت في هذه السياسة المستقلة ندّاً للدول الغربية كافة التي وقعت معها وأميركا طبعا ضد هذه الدول الغربية التي وقعّت معها الاتفاق النووي الشهير. إيران بلد استطاع أن يتقدم واستطاع أن يفرض احترامه على العالم. أما موضوع الإرهاب وتعريفه ومن هو الإرهابي وكيف يكون الإنسان إرهابيا ثم يصبح غير إرهابي وبالعكس، فتلك أمور لا ريب فيها أن القصد منها طويل وعلى كل حال أحب أن أقول إن شعوب منطقتنا معجبة بالتقدم العلمي الإيراني وبقدرة إيران على تحقيق نجاح دبلوماسي نادر.

One hundred years of the Balfour Declaration: 2 Nov. 1917 - 2 Nov. 2017

The Case for an Apology to be presented to the Palestinian People
Professor Dr. George Jabbour, Syria        
Founding Member, Arab Political Science Association,
President, Political  Science Association of Syria.
Email:drjabbour@gmail.com
A personal memo, Damascus, 15 may 2016,
Directed to  whom it may concern.
 Key points:
1-      The importance of the Balfour declaration in Zionist history
2-     How should we, and the world, deal with the centennial of the Declaration?
3-     Apologies and World politics: an Overview.
4-     Who should apologize: the UK, the UK and the US? The UK, the US and the United Nations?
5-     Who should lead? The PLO? The Palestinian State? The Resistance Movement?  The NGO s Supporting the Palestinian Rights? The Arab and Islamic states? The non-aligned movement?
6-     Some History: Jabbour s Open letter to the UK PM of 2 Oct. 2002 asking for an apology, and the apparent reply of Jack Straw , the UK Foreign Minister, with his "little phrase ", gently criticizing the Declaration ,  on 16 Nov. 2002.
7-      Some History: The December  2006 Resolution of the Conf. of Arab and Islamic Movements in Doha, Qatar , recommending a decade-long (2007-2017)working plan to weaken the foundations on which the Declaration was built.
8-      How to Proceed?
9-      Concluding Remarks: The wisdom of the effort is simple. The more the text of the Balfour declaration is publicized, read, and explained, the more people will understand the gravity of the injustice that was inflicted on the Palestinian people. Slave Trade was legal before 1815. It was no more after. Settler Colonial enterprises were considered rather normal, even ethical, after the discovery of the new world. They became abhorrent in the context of the 20th century, especially after the establishment of the League of Nations and the United Nations. NOW: If any person in the world reads the Balfour Declaration, he would certainly feel that a grave injustice was inflicted on the Palestinian people who were obliged to make room in their homeland to an "imported" people, essentially coming from Europe which mistreated them.  

الجمعة، 3 يونيو 2016

من الكرواسان إلى غيره... إلى عطلة الحلاقين يوم الإثنين

تعود إحدى حكايات «إبداع» الكرواسان إلى حصار الأتراك لفيينا عام 1683، وهو عام بدء تراجعهم في أوروبا. تقول الحكاية إن الخبّازين في فيينا، وهم الذين ينهضون باكراً إلى أعمالهم كي يصنعوا خبز الصباح أمام الناس، شعروا ذات يوم من أيام الحصار، أن ثمة حركة تحت أرض العاصمة النمسوية. أخبروا السلطة. فتبيّن أن الأتراك يحفرون أنفاقاً لينقضوا من خلالها على المدينة المحاصَرة.

أحبط الجيش النمسوي المحاولة، وابتدأ التراجع التركي عن فيينا وفي أوروبا. أحبت السلطة إكرام الخبازين. فوهبتهم كميات من الطحين والسكر. وقرّر الخبازون ردّ الجميل. وهكذا، إكراماً للجيش وللسلطة، أبدعوا بفائض الطحين والسكر فطيرة خبز محلّاة هي الهلال ـ والترجمة الفرنسية لها: الكرواسان، وكان الهلال رمزاً للجيش التركي ـ دعماً لروح النمسا المعنوية. كيف يكون الكرواسان دعماً؟

يقال: يشعر النمسويون بالانتصار المستمر على الإتراك إذ يلتهمون رمز عدوهم. تذكّرني الحكاية عن الكرواسان بما قامت به هند من أكل كبد الشهيد حمزة. تذكرني بما قام به، أمام آلات التصوير، إرهابيّ في بلادي حين مضغ كبد شهيد سوريّ.

لا أذكر متى عرفت حكاية الكروسان، ولكنّني استفدت منها في محاضرة مطوّلة ألقيتها عام 1997، في بروكسل تحت عنوان: «الإسلام وأوروبا». كان ذلك ضمن إطار مؤتمر حاشد حظي برعاية رسمية عربية وأوروبية. في تلك المحاضرة ورد السطر التالي: «سيولد ذات يوم من بين شبيبة البلدان الإسلامية متطرّف إسلاميّ تغذّى على الكرواسان حين يعلم قصة الكرواسان». صفحة 359 من كتاب: العلاقات العربية الأوروبية: حاضرها ومستقبلها، باريس، مركز الدراسات العربي ـ الأوروبي، 1997 .

كان من المشاركين في المؤتمر السيد كلود تشيسون، وزير خارجية فرنسا وهو يحظى باحترام عربي عام. راقت له فكرة التحذير من قدرة الكروسان على خلق متطرّف مسلم. أذكر أنه قال في مداعبة عابرة: «لا أظن أن لدى الأوروبيين مانعاً من أن يعدّلوا اسم الكروسان إلى كروا ـ أي الصليب ـ لا مانع لدينا من الكفّ عن أكل هلال المسلمين، وأن نستعيض عن ذلك بأكل صليبنا». وأجبته: «بل لماذا لا ننفي عن الكرواسان تهمة العداء لرمز المسلمين؟ لماذا لا نقول إن الهلال يدعمنا روحياً كما يدعمنا روحياً تناولُنا قطعة من جسد المسيح: خذوا كلوا، هذا هو جسدي…». لماذا لا نعيد تفسير الكرواسان، ننفي الحكاية التاريخية المتداولة، ونجعل للكرواسان حفلَ ميلاد آخر يدلّ على إعجاب أوروبيّ بحضارة العرب والمسلمين؟

كانت محادثة طريفة. كانت مشاغبة هامشية في الانتروبولوجيا الدينية، مشاغبة عابرة قد تترك أثراً في الذاكرة، ولا يخطر في البال أن تترك أثراً على الأرض.

هل منها، أم من غيرها، أتى أثر في جريدة؟ لا أدري. كان ما قلته في نصّ المحاضرة، ثم في المحادثة العابرة عمّا ورد فيها عن الكرواسان، تذكرة للأوروبيين عن مظاهر عدائية في ثقافتهم إزاء ثقافة العرب والمسلمين. لم أطالب بشيء في موضوع الكرواسان. طالبت بأمر واضح في شأن سليمان الحلبي: «على الأوروبين اعتباره مقاوماً شريفاً يشرّف بلاده ويشرّف الإنسانية». طالبت بأن يتحدث دعاة حقوق الإنسان في الغرب عن أول هيئة لتنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، وهي حلف الفضول المكّي الجاهلي المبارك إسلامياً.

هل من المحاضرة أو من غيرها ظهر أثر في جريدة؟ لا أدري. لا أحتكر العلم بحكاية الكرواسان. لا أقول إن العلم بالحكاية واسع الانتشار، لكنّني حتماً لست وحدي، بين السوريين والعرب، العارف بتلك الحكاية. ذات يوم قرأت في جريدة «الوطن» الدمشقية، ان جهة «شرعية» في أحد الأمكنة السورية الواقعة تحت سيطرة المتطرّفين، أفتت بتحريم صناعة الكرواسان وأكله. ما أزال منذئذ أتساءل بين وقت وآخر: ما موقع «ثقافة الكرواسان» في المجتمع التركي المعاصر؟ هل تثير الحكاية المتداولة عن ظروف إبداع الكرواسان أصداء في تركيا المعاصرة؟ هل أثارت أصداء في الدولة العثمانية؟ هل في تركيا كرواسان؟ لا أدري. كذلك لا أدري مدى الجدّية في تطبيق تلك الفتوى في مكان سوري قيل إن الفتوى صدرت عن جهة شرعية فيه.

شهدت مؤخراً مناسبة أيقظت في ما أعادني إلى حكاية الكرواسان. أكتفي بهذا القدر من الإشارة. قد توجب المناسبة عليّ القيام بمسعى خير، ينتفي نفعه أن استعجل قبل أوانه..

وأنتهي، في هذه المشاغبات، إلى تخصيصنا يوم الاثنين في سورية ـ وفي غيرها من الدول العربية، كما أظن ـ عطلة أسبوعية للحلاقين. أليس في تخصيص يوم الاثنين علاقة بالعطلة الأسبوعية الفرنسية ـ والأوروبية ـ يوم الأحد؟ لم أبحث ولا أدري. لكنّني أفسّر الأمر على النحو التالي، وأرحّب بكلّ رأي مثبت أو مخالف. على الحلاق أن يعمل يوم الأحد، حين يعطّل الآخرون. على الحلاق أن يمارس مهنته في تزيين» زبائنه كي ينعموا بشكل حَسَن في يوم عطلتهم، والاسم الاحلى للحلاق هو «المزيّن». هكذا اذن، يضحي الحلاقون بيوم العطلة الشائع يوم الاحد، فيعملون. ثم يستمتعون بعطلة خاصة بهم يوم الاثنين.إذا صحّ تفسيري لتخصيص الاثنين عطلة للحلاقين. فمعنى ذلك أن تعطيل الحلاقين عندنا في يوم الاثنين، يفصح عن تقبل تقليد غربي له في جذره بعد ديني. هل نعي هذا الامر، إن صح؟ هل وعينا له، إن صح، يوجب علينا إعادة النظر؟

ولا نهاية للمشاغبات الفكرية في الانتروبولوجيا الدينية. والحل الأفضل لتلك المشاغبات ليس في عدم إثارتها، بل في التحلّي باتّساع الأفق الفكري حين ننظر إليها. وقد يكون للحديث صلة.