الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

دعوة الى الرفقاء السوريين القوميين الاجتماعيين لكي يعلنوا وحدتهم

دمشق، صاح الثلاثاء 23 كانون الاول 2015

بمناسبة مئوية اتفاقية سايكس بيكو التقسيمية: 16 – 5 – 2016

الدكتور جورج جبور
عضو سابق في مجلس الشعب السوري   

في الساحة السياسية السورية اللبنانية، او الساحة الشامية اللبنانية، حسب التعبير السوري القومي الاجتماعي الرسمي، ثلاثة احزاب لها الاسم نفسه ولها العقيدة نفسها. لكل منها لقب يميزها عن غيرها. احدها المركز، ولعله الاكثر حضورا. ورئيسه الاستاذ اسعد حردان. ثانيها حزب الشام -- واللقب من عندياتي -- وهو الحزب المرخص وفقا لقانون الاحزاب السوري، ورئيسه الاستاذ عصام المحايري. اما الحزب الثالث -- ولقبه كما اعلم: جناح عبد المسيح -- فرئيسه الدكتور علي حيدر، وزير المصالحة الوطنية في الوزارة السورية الحالية، بل هو اول وزير سوري يتمتع باللقب الجميل: وزير المصالحة الوطنية.

ليس بين الاحزاب الثلاثة معركة حامية او تنافس معلن. الا ان انقسام حاملي الفكرة السياسية الواحدة الى تفرعات ثلاثة يحد من القدرة على خدمة الفكرة. بل ان هذا الانقسام في تنظيمات تعلن انها تعمل من اجل هدف واحد هو وحدة بلاد الشام، او وحدة بلاد الشام والعراق، يلقي ظلالا من الشك على النية التوحيدية --- او القدرة التوحيدية -- لكل من هذه التنظيمات او على الاقل لاحدها او لاثنين منها.

مناسبة الكلام عن توحيد الرفقاء السوريين القوميين الاجتماعيين، كلام يطلقه بعثي مؤمن بالوحدة والحرية والاشتراكية، مناسبته الآنية في اواخر عام 2015، اننا نطل على الارجح، في الدولة السورية، على مرحلة جديدة بصدور القرار 2254. أما مناسبته الاعمق فهو اننا نقترب لأول مرة في تاريخنا المعاصر من مئوية تقسيم بلاد الشام، حسب اتفاقية سايكس-بيكو في 16 – 5 – 1916، وهي الاتفاقية التي مهدت لوعد بلفور في 2 – 11 – 1917. ولعل بعض قراء هذه الجريدة -- البناء -- ، جريدة المركز في الحزب السوري القومي الاجتماعي ، يتذكر كتابات لي فيها عن الوعد ، ودعواتي من خلالها للاهتمام بمئويته. كما قد يتذكر بعض اعضاء المؤتمر القومي – الاسلامي (وافضل تسمية جديدة له هي: مؤتمر الاتجاهات القومية والاسلامية) انني مكلف رسميا بتنفيذ ما اقترحته على المؤتمر عام 2006، فأقره، من ضرورة الاهتمام بمئوية الوعد الوغد.

ولا يصح الاهتمام بمئوية الوعد الا بالاهتمام بمئوية الاتفاقية. ولا يصح القول اننا نسعى لإضعاف اسس الوعد اذا لم نقم بجهد في اضعاف اسس الاتفاقية. ولا يصح القول اننا نناهض الاتفاقية إذا كنا متسامحين مع وجود ثلاثة تنظيمات للحزب الذي يفتخر، ونفتخر معه، بأنه كان الأكثر من غيره من الاحزاب والحركات السياسية العربية، ارتباطا، في ظروف نشأته التاريخية، وفي ادبيات زعيمه المؤسس، بمناهضة سايكس بيكو ووعد بلفور.

كانت تلك " لا يصحات ثلاث". اتابعها ب " يصحات " ثلاث.

يصح ان نعتبر توحيد الرفقاء السوريين القوميين الاجتماعيين اسهاما ايجابيا في المرحلة الجديدة للدولة السورية التي يطلقها القرار 2254. يزيد التوحيد من قوة الاتجاه غير الطائفي الذي نص عليه القرار مقوما من مقومات الدولة. ولنلاحظ بحذر وجدية، ان كلمتي " غير الطائفي" اللتين وردتا في القرار جاءتا لتحلا محل كلمة " علماني " في بيان فيينا التشريني.

ويصح القول بان توحيد الرفقاء في الحزب الذي تحدث زعيمه المؤسس عن اتفاقية سايكس بيكو ونتائجها التدميرية على سوريا، وعن وعد بلفور وكارثيته على المنطقة، بل الذي تميز زعيمه المؤسس بأنه الاكثر انشغالا، حقا وصدقا، من بين كل الشخصيات السورية والعربية والاسلامية، بالاتفاقية وبالوعد، يصح القول بان توحيد الرفقاء فعل وفاء للزعيم المؤسس.

اما اليصح الثالث فهو قولنا ان التوحيد سيكون ردا رمزيا رائعا على سايكس بيكو، يزيد من رمزيته ان يعلن في 16—5 – 2016.من الممكن للإعلان في ذلك التاريخ ان يحدث صدى دوليا هو خطوة لاستعادة الحق المغيب.
اسباب الانقسام؟ آليات التوحيد؟ تلك امور من اهتماماتي وليست من اختصاصاتي. أسأل الرفقاء: المحايري وحردان وحيدر، واوردت اسماءهم بترتيب التقدم في الرفاقية على حد ما أقدر، ممارسة اختصاصاتهم في التوحيد. أنتظر. ولهم التحية.

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

ندوة الرابطة السورية للأمم المتحدة بمناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يوم 29 – 11


ندوة الرابطة السورية للأمم المتحدة بمناسبة

يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يوم 29 – 11 من كل عام

كما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977

 الخميس 26 – 11 – 2015، المركز الثقافي العربي، ابو رمانه.

كلمة الاستاذ الدكتور جورج جبور، رئيس الرابطة، في افتتاح الندوة:

في مثل هذه الايام، قبل مائة عام، وفي خضم الحرب العالمية الاولى، بدأت محادثات بين دول وهيئات أبرزها المنظمة الصهيونية العالمية، وكانت النتيجة صدور وعد وغد حمل اسم بلفور، وزير خارجية بريطانيا آنذاك. وكان لقطرات الحبر القليلة في التصريح—الوعد ان تنتج محيطا من الدماء في منطقتنا وفي العالم، بدءا من فلسطين وليس انتهاء بباريس وباماكو. غاب القانون الدولي في معالجة الدول الكبرى لقضية فلسطين. تنكر منظرو حق الشعوب في تقرير مصائرها لما نظروا له وبشروا به. غياب القانون الدولي في التنظيم الدولي لعب دورا اساسيا في تغييب القانون في منطقتنا. حين ينحرف صاحب الشأن الكبير عن خط السير يقتدي به صاحب الشأن العادي. حين تفشل الامم المتحدة في الالتزام بالقانون، يتضاءل دور القانون في كل امة من الامم المتحدة. وفي الصعيد العالمي، تصبح الامم متحدة على البغي والعدوان، لا على العدل والاحسان.

وتاريخ قضية فلسطين في التنظيم الدولي حافل بانتهاكات للقانون الدولي بدءا من صك الانتداب. نظريا، شرع الانتداب لخير الشعب الممارس الانتداب عليه. الا ان الانتداب على فلسطين شرع لصالح شعب يستورد، وفي مناهضة للشعب الموجود على الارض. ثم ان الدافع الديني الكامن في اساس الوعد مخالف لعلمانية عصبة الامم. حاول الصك الالتفاف على الاساس الديني فاعتمد معيارا تاريخيا هو ارتباط تاريخ فلسطين باليهود. قبل عشرة عقود كان الشك ضئيلا في الرواية التوراتية عن تاريخ فلسطين. يزداد الشك في تلك الرواية على ضوء علم الآثار. على الامم المتحدة اخذ العلم بما وصل اليه العلم، ويتم ذلك عن طريق منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). في الذكرى السبعين لتأسيسها يحسن بنا، مؤرخين اولا ومعهم المثقفون والكتاب، سؤال اليونسكو دراسة علاقة فلسطين بالفلسطينيين وباليهود. لن تنهار نتائج وعد بلفور نتيجة ايضاح الحقائق التاريخية، لكن قسما من التأييد العاطفي غير العقلي للصهيونية ولوعد بلفور ولاسرائيل سينهار.

وتبقى المقاومة الاصل. لولا الكفاح الفلسطيني المسلح المبتدئ بفاعلية متصاعدة منذ عام 1965 لما كان لقضية فلسطين ان تشغل الامم المتحدة تحت اسمها الحقيقي بدءا من عام 1970، قضية سياسية تفرض نفسها على جدول اعمال سياسيي العالم. وها هي تتقدم باقدام مواليد الانتفاضة الاولى، بل الثانية، لتصبح قضية الانسانية الاولى، قضية جنودها كل المهتمين بحقوق الانسان في العالم.

تعقد الندوة في دمشق. فنتذكر ان دمشق طردت بلفور حين زارها في نيسان من عام 1925. تعقد ندوتنا في هذا المركز. فلنتذكر انه المركز الذي شهد فعالية وصلت اصداؤها، مع اصداء غيرها من الفعاليات، الى لندن، فكان تصريح من وزير خارجية بريطنايا في 16 – 11 – 2002 يعتبر اول نيل رسمي بريطاني من شرف وعد بلفور. نعمل، فنحن قادرون. والميادين رحبة.

بعد اقل من عامين تأتينا مئوية الوعد المشؤوم. من الجميل ان المؤتمر العربي العام الذي عقد في بيروت يوم 20 تشرين الثاني 2015 اشار الى ضرورة التهيؤ لملاقاة المئوية بمزيد من المقاومة، واشار الى ضرورة بذل مزيد من الاهتمام باحياء القرار 3379 وبموجبه قررت الجمعية العامة للامم المتحدة ان الصهيونية شكل من اشكال العنصري والتمييز العنصري. أحيي المؤتمر العربي العام وأدعو المناضل خالد عبد المجيد، امين سر فصائل المقاومة ليحدثنا عن مؤتمر بيروت. ثم لدينا برنامج حافل نجومه اعضاء الرابطة الدكاترة محمد خلف ودانيال بولص وابراهيم سعيد، وكل منهم حجة في ميدانه.

الخميس، 26 نوفمبر 2015

الرئيس ويلسون وجامعة برنستون وبلفور والعنصرية


الرئيس ويلسون وجامعة برنستون وبلفور والعنصرية

الرئيس الامريكي، الذي لولاه لما كان وعد بلفور، يتعرض لاتهامات بالعنصرية ضد السود، ولا مكان الغض من شأنه في الجامعة التي كان أبرز رؤسائها،

فلنتواصل مع متهميه مظهرين عنصريته ضد الفلسطينيين.

                                                                                   الدكتور جورج جبور

 رئيس الرابطة السورية للامم المتحدة

لعب الرئيس الامريكي وودرو ويلسون دورا عالميا محوريا في السنوات الاخيرة من الحرب العالمية الاولى وفي قيام عصبة الامم، رغم انه لم يستطع اقناع الكونغرس الامريكي بالانضمام اليها. انه والد مبدأ عظيم الشأن في القانون الدولي، هو مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها. وبتدخله العسكري عام 1917 في الحرب العالمية الاولى كان الحسم ضد المانيا. ويعتبر كثيرون انه في ذلك العام كانت ولادة ما يوصف بانه " القرن الامريكي".

وفي امر مصير بلاد الشام بعد الانحسار- أو بالأحرى: الانكسار – العثماني عام 1918، كانت له مواقف معلنة تسجل له. فقد رفض الاتفاقيات السرية، وعنوانها الكبير اتفاق سايكس—بيكو. ومن اجل تطبيق مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، اوفد الى دمشق بعثة من شخصين هي بعثة كينغ – كرين، وصلت دمشق في حزيران عام 1919. وللتباحث مع البعثة تشكل المؤتمر السوري العام الذي نعتبره في سورية مجلسنا التشريعي الاول.

هكذا بدا الرئيس ويلسون للسوريين منقذا ومخلصا من آثام الاستعمار. وقد نظر اليه بهذه الصفة كثيرون منهم مفكر وسياسي وطني مرموق هو الدكتور عبد الرحمن الشهبندر. وضمن هذه الاجواء لم يكن غريبا ان تصفه جريدة حلب، التي اسسها الحكم الفيصلي عام 1918، بأنه " ابو البشر الثالث". ومن المفيد هنا اقتطاف فقرة مطولة من افتتاحية العدد 22 من جريدة حلب الصادر في 20 شباط 1920:

" بحث كثير من الناس عن الاسباب التي تؤدي الى دوام السلام وارتفاع الخصام، الا ان الطريقة التي وضع اساسها ويلسون الكبير لتكون دستورا عاما فيما يستقبل من الايام وهي ان تستقل كل امة بالنظر في شؤون نفسها، وان لا يبقى من سلطان غير سلطان العدالة والاخاء العام، هي الكفيلة بابطال الحروب وتخليص الانسانية من ويلاتها. واذا صح ان يسمى نوح ابا البشر الثاني لأنه خلصهم من الطوفان، فويلسون أبوهم الثالث، لأنه خلصهم من طوفان الاستعمار الجائر، الذي قضى على راحة الحكام وسعادة المحكومين" (التشديد مضاف من الكاتب).

لم تكن غبية جريدة الحكم اذ قالت ما سبق في وقت كانت فيه بلاد الشام تنتظر البعثة الامريكية. لا تبرير للتزلف الكبير الذي اظهرته وهو يتضمن اعتبار ويلسون متفوقا في ابوته للبشر على انبياء الله الذين باسمهم اقترنت الديانات السماوية، الا ان "استرضاء" الرئيس الامريكي، كما توهم كاتب الافتتاحية، كان بابا لبلوغ الاهداف الوطنية. علق السوريون على البعثة آمالهم في التحرر والوحدة. وكان اهم ما طالبوا به البعثة الغاء وعد بلفور. ما كانوا يجهلونه هو ان الرئيس الامريكي وافق على وعد بلفور قبل اصداره مبدئه بحق الشعوب في تقرير مصيرها. هنا يثور بالطبع سؤال خطير: متى عرف السوريون خاصة، والعرب والمسلمون عامة، بدور الرئيس ويلسون في عملية اصدار بريطانيا وعد بلفور؟ يتفرع هذا السؤال من سؤال آخر: متى عُرِفَ عالميا دور ويلسون في عملية الاصدار ؟ تلك نقطة هامة لم ابحث فيها، وهي بالتأكيد تستحق البحث. الا ان ما هو ثابت الآن ان بريطانيا ما كانت لتصدر الوعد في التاريخ الذي أصدرته به لولا تلقيها موافقة مسبقة عليه من الرئيس الامريكي.

 ثم ان من الواضح الآن ان تقرير البعثة الامريكية ما كان له اي حظ في ان يأخذه ويلسون بعين الاعتبار، نظرا لارتباطه المسبق بالموافقة على وعد بلفور. ولما كان من المرجح ان ويلسون لم يكن، قبل ايفاده البعثة، على جهل تام بمشاعر السوريين ازاء الوعد، فمن الممكن جدا ان البعثة انما كانت كلها محاولة خداع، هدفها تقديم ويلسون الى السوريين على نحو جميل. وقد نجحت المحاولة كما اظهر المقتطف السابق. بل وقد استمر نجاح المحاولة حتى الخمسينات على الاقل. ففي ما درسته في المرحلة قبل الجامعية في كتب التاريخ السورية المقررة كان مديح ويلسون سافرا، تقابله ادانة سافرة لبلفور، علما انه لولا ويلسون لما كان بلفور، او على الاقل لما كان في التاريخ الذي به صدر. بل واذهب الى مدى ابعد، فأزعم ان صورة ويلسون ما تزال ناصعة في مجمل ما نعرفه عنه، وان من النادر ان نرى مؤلفين عربا يتوقفون في بحثهم حق تقرير المصير عند موقف ويلسون المزري اخلاقيا من حق السوريين في تقرير مصيرهم. ويبقى من الضروري القول بان ما ذهبت اليه يتطلب توثيقا ادق من قبل دارسي التاريخ السوري وتاريخ ويلسون السياسي والشخصي.

وكل ما سبق تاريخ قديم لا مبرر لي بالعودة اليه الآن في جريدة يومية لولا ما قرأته قبل ايام في عدد الثلاثاء 24 تشرين الثاني 2015 من جريدة الانترناشنال نيويورك تايمز.

في الصفحة السابعة من تلك الجريدة مقال مطول عن اتهامات بالعنصرية موجهة الى ويلسون بسبب اقوال فاه بها واعمال قام بها ازاء مواطنيه الامريكيين من اصول افريقية. فمن اقواله انه يتطلع الى" كو كلوكس كلان كبير يخلص البيض من العبء الثقيل الذي تتحمله الحكومات جراء اصوات السود الجهلة". ومن افعاله انه طهر الحكومة الفدرالية من السود، وتراجع عما حققه السود من تقدم في طريق التمتع بالحقوق التي بلغوها نتيجة الحرب الاهلية. ثم ان الرئيس ويلسون اشتهر برئاسته جامعة برنستون. قبل رئاسته لها لم يكن قد دخلها اي طالب اسود. واستمر الحال كذلك أثناء رئاسته الطويلة لها، رغم ان جامعات اخرى توسعت آنذاك في قبول الطلاب السود.

قالت الجريدة ان "حلف العدالة الأسود". وقد شكله الطلاب السود في جامعة برنستون قبل عام، يتابع ايضاح حقيقة المواقف العنصرية للرئيس ويلسون، ويقدم مطالب للجامعة هدفها تقليل التقديس الذي تظهره الجامعة لرئيسها الاسبق. وهكذ فستكون هناك اسئلة توجه الى الطلاب حول آرائهم في ازالة بعض نصب او صور ويلسون من أمكنة بارزة في الجامعة.

أكتفي بهذا التلخيص لمقال غني بالمعلومات عن الرئيس الأمريكي الذي لولاه لما صدر وعد بلفور في التوقيت الذي صدر به، والذي كنا، نحن سكان بلاد الشام، ضحية حملة مخادعة نظمها الرئيس ومؤيدوه فآعلناه ابا ثالثا للبشر.

وأختم بما يهمنا اليوم ومئوية وعد بلفور تقترب. العنصريون ملة واحدة. لا يمكن لامريكي يمارس العنصرية ازاء مواطنيه من أصل افريقي الا ان يكون عنصريا ازاء السوريين، والفلسطينيون منهم. وما يهمنا اليوم ان يجند طلبة همهم العدالة من اجل فلسطين، وفي الطليعة طبعا الطلبة الفلسطينيون، ان يجندوا أنفسهم للتواصل مع الحلف الطلابي البرنستوني، فيكون في القاء الضوء على موقف ويلسون المؤيد لوعد بلفور ما يفيد في وضع لمسات الكمال على وصمه بالعنصرية. ولنتذكر ان رسالة هرتزل الى رودس في عام 1902 كان لها أثرها في اصدار الجمعية العامة للامم المتحدة قرارها رقم 3379 عام 1975 وبموجبه تقرر ان الصهيونية شكل من اشكال العنصرية والتمييز العنصري.

دمشق في 26 – 11 – 2015

الخميس، 19 نوفمبر 2015

جبور ومؤسسة دراسات الوحدة العربية: صفحة واحدة للتاريخ

في 19 – 3 –1973نشرت مجلة البلاغ البيروتية الاسبوعية المحتجبة مقالا على كامل الصفحة 43 تحت عنوان " الدكتور جورج جبور: مطلوب مؤسسة للدراسات الوحدوية".  تحدث المقال عن محاضرة للدكتور جبور -- الكاتب السوري، كما وصفته المجلة -- القاها في قاعة النادي الثقافي العربي في بيروت.  قدم المحاضر الى الجمهور الاستاذ جوزيف مغيزل، مؤسس ورئيس المنظمة اللبنانية لحقوق الانسان، وقد سمي وزيرا في وقت لاحق.

أكتب في 17 – 11 – 2015 بعد ثلاثة ايام من العودة من بيروت حيث شاركت في ندوة حاشدة عن مستقبل التغيير في الوطن العربي، نظمها مركز دراسات الوحدة العربية.  وكانت ندوة ذات قيمة معرفية جيدة. والشئ بالشئ يذكر كما يقال. تذكرت تلك الصفحة من مجلة البلاغ، فأحببت اطلاع بعض زملاء الندوة على ما ورد فيها. واسارع الى التعبير عن التقدير للمركز الذي اسسه ويديره الدكتور خير الدين حسيب، وهو تقدير عبرت عنه في تعقيبي على بحث د. حسيب الختامي في الندوة آنفة الذكر.

أعود الى مقال المجلة في تلخيصها محاضرتي البيروتية، فاختار بعض الفقرات.

اقتطف المقال من المحاضرة ما يلي:

" يتولى الغربيون دراستنا أكثر مما نتولى نحن دراسة انفسنا. هذا الواقع غير الصحي مرشح لكي يزداد سوءا اذا لم نبادر الى تصحيحه. "

" ويضيف الدكتور جبور قوله انه لا يعارض استيراد الافكار، لكنه يعارض استيراد الافكار عن أنفسنا من الغرب"

" ويخلص الدكتور جبور الى القول اننا اذا اردنا ان لا نفقد هويتنا الثقافية، فعلينا ان نعنى بدراسة انفسنا.."

 ويتابع المقال عن المحاضر قوله " ان المسؤولين العرب يحترمون الباحثين الغربيين أكثر مما يحترمون الباحثين العرب. ومن الواجب ان يكون الأمر معكوسا وان يصبح خبراء العرب من العرب لا من المستشرقين "

" وختم الدكتور جبور محاضرته داعيا الى ضرورة جمع الاختصاصيين العرب في العلوم الاجتماعية في رابطة مهنية واحدة تمهيدا لتأسيس مركز للبحوث الوحدوية العربية ........ وقد جرت حتى الآن محاولة واحدة عام 1965 قامت بها منظمة الطلبة العرب في امريكا، لكن تلك المحاولة فشلت".

ثم انهت المجلة مقالها عن المحاضرة كما يلي:"ونحن نضم صوتنا لصوت الدكتور جبور، ونتمنى للمركز العربي  للأبحاث الوحدوية  ان يرى النور في اقرب فرصة".

بعد اقل من شهر على نشر المقال عن المحاضرة، وبالتحديد في 12 – 4 – 1973 ، أصدر الرئيس حافظ الأسد القرار رقم 38 ، وبه شكل لجنة من أربعة اشخاص هم رئيس مكتب الثقافة في القيادة القومية ووزيري التعليم العالي والتربية  والدكتور جبور " مهمتها دراسة امكانية انشاء مركز بحوث ودراسات عربية لتوضيح وتعميق فكرة الوحدة العربية يرتبط بوزارة التعليم العالي  او بجامعة دمشق".

في عام 1971 تبنى الرئيس الاسد اقتراحي بإنشاء مؤسسة دراسات الاستعمار الاستيطاني المقارن في العالم. وفي عام 1973 صدر القرار 38 آنف الذكر.  فماذا جرى بعد ذلك؟

بين 19 و 21 – 10- 2009 عقد في عمان مؤتمر عنوانه " مشاريع التغيير في المنطقة العربية  ومستقبلها" . في بحثي الذي قرأته في المؤتمر وردت الفقرة التالية عن مصير المؤسستين:

" أشعرني بالعجز، ولم اعجز، الاسلوب الذي تمت به المتابعة الرسمية لاستجابة الرئيس الاسد لاقتراحي بإنشاء مؤسستين متكاملتين. وقريبا انشر – ان شاءت الظروف – مئات وربما آلاف المذكرات   الموجهة للرئيس الاسد حول الاسلوب الذي تمت به متابعة استجابته للاقتراحين بإنشاء المؤسستين. وتمتد هذه المذكرات على مدى زمني يقترب من اربعة عقود، اي منذ عام 1971 والى الآن"(من كتاب : نحو علم عربي للسياسة، طبعة ثالثة مزيدة، دمشق، الادارة السياسية للجيش والقوات المسلحة ، تشرين الاول، اكتوبر ، 2010 ، ص 292).                   هي صفحة واحدة للتاريخ.

دمشق في 17 تشرين الثاني نوفمبر 2015                                                   جورج جبور

مذكرة عن الابراهيمي الى الرئيس: 25 – 9 – 2015

سيادة رئيس الجمهورية الموقر:
 

أطيب التحية وبعد:

قابلت الاستاذ الأخضر الابراهيمي لمدة نصف ساعة مساء هذا اليوم السبت: 7:20 – 7:50. استعراض بعض الذكريات المشتركة من أيام عمله في جامعة الدول العربية أخذ قسما لا بأس به من الوقت. كنت قد ضمنت بعضا من خبرتي معه في كتابي: الجمعية العربية للعلوم السياسية (دمشق 2005)، واوردت به رسالته الي، وبها يقول انه تعلم الكثير من بحث لي عنوانه: نحو علم عربي للسياسة.
 

وفي الشأن السوري اوضحت له بعض جوانب سألني عنها. الححت عليه في ان يسعى الى تغيير الموقف الامريكي مستفيدا من احداث الايام الاخيرة.
 

حدثته ايضا عن حلف الفضول -- ولم يكن يعرف عنه شيئا --، كما حدثته عن سبقي في مطالبة الامم المتحدة بالتعطيل في الاعياد الاسلامية، هذا السبق الذي امتدحه الرئيس بوتفليقة.
 

 10،00 مساء 15 -- 9-- 2012                                     جورج جبور
 

ارسلت المذكرة اعلاه، بخط اليد، عن طريق الفاكس، الى فاكس مدير المكتب الخاص لرئيس الجمهورية العربية السورية. لم يردني اي تعقيب عليها.

تم التنضيد صباح السبت 7 – 11 – 2015، بمناسبة انعقاد " ندوة مستقبل التغيير في الوطن العربي"، بيروت، 8—12 تشرين الثاني نوفمبر 2015.

 

الاثنين، 26 أكتوبر 2015

جبور وأول مقال منشور: 28 – 1 – 1956

نشرت جريدة الحضارة الدمشقية اليومية، بتاريخ 28 -- 1 -- 1956، على صفحتها الاولى، أول مقال   للطالب جورج جبور. جاء المقال بمناسبة زيارة الى سورية قام بها السيد داغ همرشولد، الامين العام للأمم المتحدة. ظهر المقال تحت العنوان التالي:

" رسالة الى شولد: لن نؤمن الا بدواء نصنعه نحن"

وهذا هو النص، بعد إجراء التصحيحات الطباعية:             

" أيها الامين العام:

عندما تنزل من الطائرة، وترسم على وجهك طيف ابتسامة، اعذرنا ان لم نرسم على وجوهنا أمثال ذلك الطيف.

عندما تغادر الطائر الميمون، وتنتشر في عينيك ملامح الهناء، اعذرنا ان لم تنتشر في عيوننا تلك الملامح.

لأننا استقبلنا منذ زمن سلفك، ورسمنا على وجوهنا اطياف الابتسام، ونشرنا في عيوننا ملامح الهناء، واكرمناه، واحتفينا به، وعلقنا على صدره اوسمة التقدير، ولكن قناعه انكشف، وإذا بنا نرى وجهه الحقيقي، وإذا به وجه صهيوني لئيم. ولا يزال، ايها الأمين، في حلقنا من مأساة الامل شجى، وفي حناجرنا غصة.

فاعذرنا ... اعذرنا إذا لحظت منا البرودة والفتور.

عندما يمضي بك روادك الى خيم تتلاعب بها الرياح، وتعبث بكيانها الزوابع، فلا تتحدث عن السلام، بل تحدث عن الحق المهضوم، وعن الباطل المسلح.  تحدث عن رأيك في الحقد، الحقد المرير الذي يسيطر على الملايين من العرب. تحدث عن البؤس المخيم على مليون عربي شردتهم عن اراضيهم أطماع الدول الاستعمارية والصهيونية الباغبة.

أيها الامين:

عندما تقف على احوال المليون عربي لا تهز كتفيك في لامبالاة وعدم اكتراث. فكر في البؤساء، لأنك تمثل الانسانية، ولأنك مسؤول عنهم، فهم حفنة من البشر.

وعندما تضيق بنظرات الازدراء والتحقير تنهال عليك، فاعذرنا لان الهيئة التي تتولى امانتها لم تكن امينة على الحق، حقنا نحن العرب.

 اعذرنا... إذا لم نمهد طريقك بالورود، ولم نفرش دربك بالزهور، ولم نعطر الاجواء بأريج الفل والزنبق، فليس في ايدينا ورود وزهور، وليس فيها فل وزنبق.

اعذرنا إذا لم تتحدث قلوبنا بغبطة اليك، ولم يظهر في نفوسنا الانشراح، اذ ان قلوبنا ونفوسنا تنضح بالحقد.

 وعندما تركب الطائر الميمون، لا بأس ان تنسى جراحاتنا وأحزاننا، لأننا لم نعد نؤمن بجدوى الأدوية، إذا لم تكن من صنع ايدينا.
الطالب جورج جبور". (انتهى).

الجمعة، 16 أكتوبر 2015

هل يعلن بدء العد التنازلي لمئوية وعد بلفور في 2 – 11 – 2015؟

اذا سئل اي  مهتم بقضية فلسطين: هل يصح ان يكون يوم مئوية وعد بلفور في 2 – 11 – 2017  يوما عاديا كغيره من الايام ؟ فمن المرجح ان تكون اجابته : لا. هذا لا يعني ان المجيبين ب: لا،   متفقون  بشأن ما ينبغي ان يكون عليه ذلك اليوم.

هل يمكن ان  يولد اتفاق بين المجيبين؟ ربما. هل من الضروري ان يكون هناك اتفاق؟  انه مستحسن ولكنه ليس ضروريا. هل الحوار في الاسئلة السابقة مفيد؟ نعم وبالتأكيد.

أقدم هنا اقتراحين بسيطين  قد يذهبان ادراج الرياح، وقد يثمران.

الاقتراح الاول: ان تبدأ  الهيئات  المهتمة بقضية فلسطين، ولاسيما منها التي تحمل كلمة فلسطين في  اسمها، العد التنازلي للمئوية  انطلاقا من  الذكرى 98  لصدور الوعد، اي في 2 تشرين الثاني نوفمبر 2015. يفصلنا عامان  عن المئوية،  وليست مدة عامين  بعيدة  زمنيا عن المناسبة الاساس.

الاقتراح الثاني: ان تنشر الجرائد اليومية  العربية على صفحاتها الاولى ، في يوم بدء العد التنازلي  للمئوية ، النص الحرفي للوعد. وبالطبع يمكن لكل صحيفة ان تعلق على النص كما تشاء، الا ان التركيز الذي اوصي به  هو التأكيد على  قصر رؤية  صناع الوعد. من وصفهم صناع الوعد بأنهم "جماعات  غير يهودية مقيمة في فلسطين" هم الشعب الفلسطيني،  وهو  الشعب الذي  يتواتر ذكره في قرارات الامم المتحدة اكثر من اي شعب آخر.هويته  الوطنية  تتمتع  بثبات لا ترقى اليه  هوية الجماعات اليهودية التي اتت الى فلسطين.
لست صاحب اختصاص في  القضية الفلسطينية يتفوق على اختصاص غيري. أكتفي بكتابة الاسطر السابقة  وبارسالها الى هذه الجريدة، .فان لم تحظ بالنشر ارسلتها الى جريدة اخرى.

الخميس، 15 أكتوبر 2015

الشاعر الاستاذ اديب طيار وحسنات الاضطهاد

فالعظيم العظيم من يرتقي النجم على همه وسرج شقائه

في امتحانات الشهادة الثانوية، فرع الاجتماعيات، عام 195 صدرت موضوع الانشاء في مقرر اللغة العربية ببيت شعر احفظه منذ الطفولة من مجموعة ابيات للشاعر الاستاذ اديب طيار  نظمها في ذكرى  وفاة المحامي الاستاذ عبد الله عبد الله  ونشرها في كتاب متواضع الحجم ، عظيم الاثر، كان في بيت العائلة عدة نسخ منه، عنوانه: حسنات الاضطهاد( اللاذقية، الطبعة الثانية، 1946، 76 صفحة) ربما كان للمطلع الشعري فضل في فوزي بالترتيب الاول في امتحانات الثانوية ذلك العام.

لا اخطئء اذا قلت ان الاستاذ طيار كان الاعمق اثرا في التحليق باذهان شبيبة صافيتا الى آفاق الشأن العام، المحلي والسوري والعربي. كان، رحمه الله، ثورة عاصفة يمارس، مع الاجيال الصاعدة، رياضة ما ندعوه اليوم" العصف الفكري" .

لن اؤرخ هنا للشاعر المربي في حياته الحافلة بالنشاط العام والادبي. اكتفي  بامرين.

1-      اختير عضوا في مجلس الامة، ايام الجمهورية العربية المتحدة، واشتهر بمداخلاته الجريئة  التي عرف الناخبين بها ، في النخابات عام 1973، من خلال نشره بعض محاضر مجلس الامة التي اوردت  نصوص مداخلاته. احب لسجله النيابي ان يكون "رأسماله" في المعركة الانتخابية. لكنه لم يفز.

2-      كان الرئيس حافظ الاسد، رحمه الله، احد طلابه في اللاذقية  خلال النصف الثاني من الاربعينات. في جزء من جلسة مريحة  لي مع الرئيس، اوائل السبعينات، كان ثالثنا حسنات الاضطهاد. اغتبطت اذ اكتشفت ان الرئيس يحفظ من اشعاره  ويعرف من مواقفه اكثر مما احفظ  واعرف.

اروع قصائده في الكتاب تلك التي نظمها في اربعين الشهيد المصري  المربي محمد فهمي  الذي كان منتدبا  لتدريس الرياضيات في تجهيز اللاذقية .عن مناسبة القصيدة هذه الاسطر: " عاد في الربيع الماضي الى اهله زائرا  فسقط قل الوصول اليهم  في مظاهرات الجلاء شهيدا". وهذه بعض ابيات القصيدة الطويلة التي بها  كان ختام الحسنات:

زأرت مصر فامتطى البرق في الشام الى النيل وهو بالنيل مغرم

,.......

فنبرى يزحم الصفوف الى الخصم وفي ثوبه حديد وضيغم

خاضها تحسب النجوم على الافق شراا من جمرها يتضرم

خاضها تجفل البروق اذا مرت على وجهها الغضوب المجهم

لم تكن غير رجة الطرف حتى صرع السيف في الوغى وتحطم

..........

.........

احمر الجرح، يا شقيقا لروحي، نم شهيدا، صلى عليك وسلم

انتقل الشاعر الاستاذ الى رحمة الله اوائل عام 1981 واقيم له حفل اربعين حافل في كنيسة مار ميخائيل في برج صافيتا  شاركت به وجوه ثقافية سورية بارزة وكانت لي فيه كلمة.  اصدرت وزارة الثقافة  ديوانا له  بعد وفاته. ويبقى ان يزين اسمه مبنى احدى مدارس صافيتا.

بريطانيا.. حان وقت الاعتذار



مذكرات شخصية ونقاط بشأن الاعتذار وأفكار لبرنامج عمل
 (1)
سألتني، ذات يوم قبل بضع سنوات، مجلة العودة التي يصدرها مركز العودة في لندن، كتابة مقال عن فكرة بدأت بالدعوة إليها في تشرين الأول 2002م عبر مقال نشرته جريدة البعث. ومن المفيد هنا  اثبات انه كان لذلك المقال صدى. جاء توقيت نشر المقال لكي يستبق موعد وعد  بلفور باسابيع قليلة فيسمح لمسوؤلي بريطانيا بالتفكر في كيفية التعامل معه.  بعد اسبوعين من ذكرى الوعد صدر تصريح لجاك سترو وزير خارجية بريطانيا  ينال به نيلا رفيقا منه. كان ذلك اول نيل رسمي من الوعد.

استجبت  لما سألتنيه مجلة العودة ، واحسنت المجلة اذ نشرته  على نحو أنيق بارز.

ساورني شعور بأنني أبلغت، بأنني غرستُ بذرة - ربما كان غيري قد سبقني إلى غرسها– في تربة صالحة.
مركز العودة الفلسطيني ومجلته يستحقان كل تقدير

ولم يخطئ شعوري. ففي يوم السبت 22/12/2012م وقعتُ بالصدفة على عدد تشرين الثاني 2012 من  مجلة العودة. أفرحتني مادة إخبارية بارزة في صفحاتها الأولى تفيد بأن مركز العودة أطلق حملة بعنوان: " بريطانيا! حان وقت الاعتذار". تهدف الحملة إلى جمع مليون توقيع على عريضة تطالب الحكومة البريطانية رسمياً بالاعتذار عن وعد بلفور وما تلاه.

وتضاعفت الفرحة بما قرأته في جريدة الثورة الدمشقية 21/1/2013م، ص/9/ من تفصيل عن المادة الإخبارية آنفة الذكر.

وحين سألتني مجلة زهرة المدائن الإسهام في عددها الخاص هذا وافقني تحريرها الرأي على أن خير ما يمكن أن أقدمه أفكار لبرنامج عمل يؤدي إلى اعتذار بريطاني عن وعد بلفور في موعد أقصاه 2/11/2017م، بمناسبة الذكرى المئوية لصدور ذلك الوعد الوغد. ولكن: ما هي فلسفة الاعتذار وما نفعه؟

(2)
أعدد عشر نقاط يحسن التفكير فيها وهي توجز بعض ما ورد في محاضرة ألقيتها يوم 24/8/2012 في مدينة تامبيري Tampere، فنلندا، بدعوة من المعهد الفلندي للشرق الأوسط:

1-  يُسهِم الاعتذار في تخفيف حدة العلاقات بين الدول والشعوب، وفي بلسمة جراح ولدتها مظالم تاريخية.
2-  فُرِضَت الاعتذارات، في عصرنا الراهن، على دول هزمت في الحروب.
3-  تقدّم الاعتذارات أيضاً من قبل بعض الدول أو الهيئات نتيجة شعور أخلاقي بظلم أوُقع بغض النظر عن هزيمة في حرب.اعتذارات قداسة البابا يوحنا بولس الثاني مثال باهر.
4-  تتباين الاعتذارات في صياغتها، بعضها واضح وبعضها أقل وضوحاً يركز على الأسف أو قد لا يتجاوز الشرح.
5-  في بعض الأحيان، يلتبس أمر الاعتذار. قد يعتبر طرف في خلاف تعبيراً معيناً بمثابة اعتذار في حين لا يرى فيه الطرف المقابل اعتذاراً. أوضح مثال على هذا الأمر "اعتذار" دي كليرك، رئيس جنوب إفريقيا الأبيض، وهو اعتذار يُؤَرَخ به لبدء تهاوي نظام الفصل العنصري هناك.
6-  خير الاعتذارات ما يتم التفاوض عليه بين الطرفين تفادياً لأي لبس.
7-  يفترض الاعتذار أن الماضي شهد وقوع خطأ. ثمة أخطاء كان مسموحاً بها في الماضي ولكنها أصبحت محرمة  الآن. هكذا شأن الاسترقاق. وهكذا يتطور شأن الاستعمار وعقابيله.
8-  ليس التمييز سهلاً بين خطأ تاريخي انتهى أمره، وبين خطأ تاريخي مستمرة عقابيله. في سفر أعمال الرسل من العهد الجديد ما يقال انه  إشارة إلى وثوق العلاقة بين المسيحية واليونان على حساب بُعد العلاقة بين المسيحية وآسيا. تلك إشارة من غير المقبول التسامح معها في عالم اليوم.
9-  ماذا يترتب على الاعتذار؟ لا جريمة من دون عقاب، إلا أن العقاب قد يكون مادياً وقد يكون معنوياً. تأبى دول كثيرة أن تعتذر لكي لا يلزمها تعويض. لعل من المناسب التفكير - تسهيلاً للاعتذار-  في الفصل بين الاعتذار والتعويض.
10-هل الاعتذار نهاية مطاف خاطئ تطوى بصدوره صفحة الخطأ ويستمر الوضع كما كان بعد أن تم التبييض؟ أم أنه بداية لتصحيح الوضع الخاطئ؟ ليس ثمة جواب سهل. تحدد الظروف مآل الاعتذار.

هي نقاط عشر وقد تمتد إلى مئة إن شئنا التفصيل. فلنفكر فيها وفي غيرها. يستحق الاعتذار منا تفكيراً عميقاً. بل قد تدفعنا الحماسة للاعتذار إلى النظر في إمكان إضفاء "شرعية دولية" عليه بإنشاء جهاز في الأمم المتحدة يُكلَّف بدراسة جدية حالات المطالبة به.

(3)
نأتي إلى برنامج العمل. مطلب الاعتذار حق، والطريق إليه ليس سهلاً.
أقنعت المسهامين في المؤتمر القومي– الإسلامي الذي انعقدت دورته في الدوحة، عاصمة قطر، أواخر عام /2006/، بضرورة وضع برنامج عمل يغطي العقد العاشر من الوعد الوغد أي يمتد من 2/11/2007م ليبلغ ذروته باعتذار يصدر في 2/11/2017. لم يقم المؤتمر الذي اتخذ القرار بأي عملٍ تنفيذي. كذلك لم ألمس في المادتين الإخباريتين اللتين اطلعت عليهما في مجلة العودة وفي جريدة الثورة آلية عملٍ واضحة تؤدي إلى بلوغ المطلوب.

وفشلت محاولاتي عبر الشابكة (الإنترنت) في الاتصال بقيادة مركز العودة للتشاور في برنامج العمل المؤدي إلى بلوغ المطلوب.

أما الأسماء التي قرأتُ في جريدة الثورة ارتباطها بإطلاق الحملة فتستحق كل التقدير. إلا أنها في الأهمية العملية لقيادة جهد سياسي كبير تبدو وكأنها متواضعة في قدرتها على القيام بتحريك عالمي واسع. في كل حال، أثق بالمركز وبدقة حساباته.

في إهدائي الطبعات الخمس من كتابي وعد بلفور خاطبت القادة العرب المجتمعين في قمة. القادة العرب مجتمعين في قمة هم المسؤولون قبل غيرهم عن المطالبة باعتذار.  ومن المفيد أنني حصلت على التزام من جامعة الدول العربية بإصدار بيان سنوي يتحدث -إلى حد ما- عن بشاعة الوعد. وبالفعل فقد أصدرت الأمانة العامة اول بيان لها  بهذا الشأن في 2/11/2007م، أي بمناسبة الذكرى التسعين.وما تزال تتبع  النهج نفسه منذئذ وحتى الآن.

إلا أن العمل الأجدى ينطلق من القمة وبتوقيع القادة العرب.

هل يزمع مركز العودة مخاطبة القمة العربية المقبلة في آذار؟ و \ او مخاطبة القمة الإسلامية؟ لا أدري. ذات يوم أعلنت عبر الصحافة السورية مسودة اقتراحات ببرنامج عمل لما تبقى من العقد العاشر من وعد بلفور. لم ألحظ تجاوباً. هل تكون خطوة مركز العودة في حملته المنطلقة من لندن أكثر حظاً من خطوات انطلقت من دمشق والدوحة والقاهرة وعمّان –حيث مقر الأمانة العامة لمؤتمر الأحزاب العربية وهي الهيئة التي تولت توزيع الطبعة الخامسة من كتابي على الاحزاب العربية ؟ أرجو ذلك.

أضع نفسي بتصرف مركز العودة في حملته، وما أظن أحداً ممن سيقرؤون هذا المقال إلا واضعاً نفسه بتصرف المركز، عاملاً على إنجاح حملة تتمتع -أخلاقياً- بكل مقومات النجاح.