الاثنين، 31 أغسطس 2015

بمناسبة قرب انتخابات مجلس اتحاد العرب: سنوات عشر تكفي



 بقلم الدكتور جورج جبور، عضو الاتحاد بين 1970 و1996
انتهت اليوم , 31آب 2015, مدة  تقديم الطلبات للترشح لعضوية مجلس اتحاد الكتاب العرب. يقال: ثمة اجتهادان  بشأن  استمرار رئيس الاتحاد الحالي ومعه بعض اعضاء المكتب التفيذي  في الوصول الى المجلس والى المكتب.اجتهاد يجيز,  وشقيق له يمنع.
علمت,  باتصال اجريته , ان اللجنة القانونية في الاتحاد, برئاسة القاضي الاستاذ عبد الأحد سفر, عضو الاتحاد,  , سوف تجتمع وتدرس. ولا ادري ان كانت توصي او تقرر.
ليست بين يدي نصوص القوانين والانظمة  ولن ابحث عنها, رغم ان اختصاصي الاول الاساسي هو القانون , وكنت قاضي نيابة عام 1960.
بعد قصة القاضي الذي ارتكب "سرقة تكاد تكون كاملة" بشأن نص لي , وهذه كلمات من رسالة رسمية  الي  بقلم رئيس الاتحاد السابق, لم اعد على ثقة كافية بالقانون وبالقضاة, وتقاعدت من اتحاد الكتاب.
اخاطب الحس العام لدى المسؤولين عن الشأن العام برأي واضح لا لبس فيه: سنوات عشر   من شغل المسؤولية الاولى  في اتحاد الكتاب العرب تكفي, ولا يهم ان كانت فعلية او قانونية. تكفي  سنوات عشر.
وينسحب هذا الرأي على المسؤولين الاوائل في نقاباتنا المهنية ومنظماتنا الشعبية . وهذا الرأي بالضبط هو ما تبناه الرئيس  بشار الاسد حين ارتضى ان تنحصر ولاية رئيس الحمهورية باثنتين . اما الاستثاء  بسبب الظروف الراهنة فلرئيس الجمهورية وحده.
دمشق في 31 آب 2015

الاثنين، 24 أغسطس 2015

احمد صدقي الدجاني في رسالة الى جورج جبور، الخميس 8 – 6 – 2000



تلقى الدكتور جورج جبور  من الدكتور احمد صدقي الدجاني ، رحمه الله ، رسالة بالفاكس من القاهرة عصر الخميس 8 – 6 – 2000 وقد ورد بها:
"  سلام الله...
"وتحيات طيبة.....
" اسارع بالرد على رسالتك الكريمة  الصادرة في 28 – 5 – 2000 وقد وصلتني يوم امس ....
" أشكرك على المرفق. وكنت عند زيارة قداسة البابا الى وطننا والاعتراف بالخطأ تذكرت مبادرتك على هذا الصعيد، وأسعدني أن  ما زرعته بالكلمة الطيبة المخلصة والفكرة الصائبة  أتى أكله".

أكتب في 24 أب 2015 . عثرت  على هذه الرسالة ضمن اوراق مكدسة انظر فيها هذه الايام تمهيدا لاتلاف ما يحسن اتلافها منها. كتبت الرسالة على اوراق الدكتور الدجاني الخاصة . اما المرفق الذي تشير اليه الرسالة ، فواضح من سياق الرسالة  انه خبر صحفي  عن نشاط يقوم به "تجمع المثقفين المستقلين" في مصر  من اجل بعث القرار 3379 . ترجح الرسالة ان المسؤول عن التجمع هو الاستاذ جمال الغيطاني .  قبل اختتام الرسالة بالعبارات المعهودة ،  يكتب الدكتور الدجاني ، رحمه الله، هذه الكلمات  بشأن الموضوع الذي كانت  من أجله رسالتي اليه:
"أثق ان التجمع سوف يسعد  بتواصلك معه  وبمتابعة  بعث القرار 3379 عن عنصرية الصهيونية".

من المفيد  نشر الرسالة ورقيا في الطبعة الجديدة من  كتابي: رسالة الى البابا قداسة ، وكانت الطبعة الاولى قد صدرت عن دار الكنوز الادبية في بيروت عام 1994. وثمة بالطبع امور اخرى كثيرة تصلح لكي تنشر في الطبعة الجديدة ، واهمها النص الحرفي للاسف البابوي  في 11 آذار 2000،

السبت، 22 أغسطس 2015

امنيتان في يوم وزارة الثقافة السورية الثاني: 23 تشرين الثاني 2015








الدكتور جورج جبور
رئيس الرابطة السورية للامم المتحدة

اولا:مقدمة في زركشة الايام:

يزدحم تقويم الامم المتحدة بالايام المسماة. ربما ان التسميات تفوق عدد ايام العام. ربما ازدحم يومان او اكثر في يوم واحد. ومن بين ايام الامم المتحدة اختارت الرابطة السورية للامم المتحدة اياما اربعة تحتفي فيها كل عام. اولها في 21 آذار وهو اليوم العالمي للقضاء على العنصرية. ثانيها 24 تشرين الاول وهو يوم تأسيس الامم المتحدة. ثالثها 29 تشرين الثاني الذي اسمته الامم المتحدة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني. اما الرابع فهو اليوم العالمي لحقوق الانسان في 10 كانون الاول.

من بدأ عادة زركشة الايام؟ لا ادري على وجه التحقيق. الا انها عادة عربية قديمة. في تراثنا يوم حليمة وليس بسر. وفيه ايضا يوم ذي قار. اما الايام المسماة في تاريخنا بعد البعثة النبوية الشريفة فاكثر من ان تحصى.

وفي عصر الدولة الحديثة غدا لكل دولة يومها الوطني، اي عيدها الوطني . تحتفي الولة بعيدها في ارضها، كما تقيم احتفالات دبلوماسية احتفاءبذالك اليوم في عواصم الدول التي تتبادل معها التمثيل الدبلوماسي. عيد الجلاء هو عيدنا الوطني السوري. هكذا ارتضينا اسمه. لم ندعه" عيد الاستقلال". لماذا؟ الحديث يطول ، وحبذا ان يقدم لنا قسم التاريخ بجامعة دمشق تفسيرا مجمعا عليه. وحبذ ان يخوض في هذا الغمار كل من يأنس في نفسه الرغبة على الخوض. وحبذا لو تشجع جريدتنا هذه النقاش في هذا الشأن.
ينص نظام المملكة العربية السعودية الاساسي على ما يلي" عيدا المملكة الفطر والاضحى". ليس في نظام المملكة الاساسي عيد وطني. العيد الوطني السعودي، في اواخر ايلول من كل عام ، ولد دوليا. تحتفي به المملكة عبر بعثاتها وليس في لرضها. هكذا كان الحال لعقود عديدة، ولكنه تغير في طريق سير المملكة الى مزيد من " المدنية".

تلك كلمات في زركشة الايام على مستوى العالم والدولة . ماذا عن زركشة ايام الجهات الادنى من الدولة؟

ثانيا: سورية وايام الوزارات :

وزارة السيادة الاولى هي الدفاع. لها يومها. انه يوم الجيش في الاول من آب. في ذلك اليوم عام 1945 جرى الاحتفال بتسلم الجيش. ليس يوم الوزارة هو يوم صدور مرسوم احداثها. يوم الاول من آب هو يوم اهم ما لدى الوزارة ، وهو الجيش.

وزارة السيادة الثانية هي الخارجية وليس لديها يوم. ويعرف مسؤولوها وربما بعض من القراء انني ادعوها لكي تتبنى يوم التاسع من آذار يوما لها. في 9 – 3 – 1920 صدرت في دمشق الوثيقة الرسمية السورية الاولى الى تشير الى وجود من هو " وكيل الخارجية". ولحديث يوم الخارجية شؤون وشجون زمن استعراضي له اولئل كل عام.

وزارة السيادة الثالثة هي الداخلية ويومها هو يوم اهم ما فيها: قوى الامن الداخلي . في 29 ايار عام 1945 كانت المجزرة الوحشية اتي ارتكبها وكلاء الجنرال دوغول ضد حامية مجلس النواب. ومن الرائع انه بتلك الدماء كتبت المادة 778 من ميثاق الامم المتحدة ، كما توضح ذلك نشرات الرابطة السورية للامم المتحدة.

هل تتمتع وزارات اخرى ، بخلاف وزارتي الدفاع والداخلية، بايام لها؟ لا اظن. ذات يوم فاتحت وزير النقل بان يخصص لوزارته يوما هو يوم تأسيسها. تحمس. كان اليوم بعيدا. نسي. انتهت الفكرة الى ذكرى.

شكلت الوزارة الحالية في آب 2014. . بعيد اعلان تشكيلها ، اقترح الصديق الكاتب القاضي الاستاذ رشيد موعد ان نقوم بزيارة وزير الثقافة للتهنئة. وافقت. تكفل بالترتيب. حصلت الزيارة. سألنا الوزير: ماذا تقترحون علي في مهمتي الجديدة ؟أجبته: خصص للوزارة يوما هو يوم تأسيسها. وافق. من الصدف الحلوة ان يوم التأسيس كان قريبا، ولم ينسه الوزير. احتفى به يوما للمصالحة الوطنية.

ثالثا: امنية اولى :قائمة منشورات الوزارة منذ احداثها:

بعد اقل من ثلاثة اشهر يطل علينا يوم وزارة الثقافة الثاني. لا اظن ان الوزارة ستنساه رغم انني شخصيا لم اقع على اي نبأ يفيد بان الوزارة تحضر له. ربما انها تود ان تقدم لنا مفاجآت بهيجة ينال من بهجتها الاعلان المبكر عنها. في كل حال، لا بأس من التعبير عن امنية اولى، رغم ان تنفيذها قد يكون صعبا، او رغم انها قد تكون منجزة في موقع الكتروني لا اعرف كيف اصل اليه.

الامنية هي ان يكون لدينا قائمة بما نشرته الوزارة من كتب ومجلات منذ احداثها، وان تكون لنا ايضا بعض اوصافها: هل هي موجودة ومحفوظة في المكتبة الوطنية؟ هل هي موجودة في منافذ البيع، متاحة لمن يود ان يبتاع؟ هل يالانكان ان تكون محتويات القائمة مصنفة بحسب تصنيف معين: اسماء المؤلفين؟ عناوين الكتب؟ مواضيعها؟ هذا تراث قيم للثقافة في سورية منذ عام احداث الوزارة ايام الوحدة. وتوقيت صدوره هذا العام في يوم وزارة الثقافة يعطي لليوم معنى مفيدا للمثقف. ان لم نستطع اصدار القائمة في فسحة الوقت المتبقية، فلماذا لا نضع في حسباننا اصدارها بمناسبة جليلة قادمة هي الذكرى السبعون للجلاء في نيسان 2016؟ ابحث منذ مدة عن اول كتاب نشرته الوزارة لكاتب من صافيتا هو الاستاذ رفيق مقدسي جبور، استاذي في مرحلة الدراسة الاعدادية . عنوانه: الصحافة اليومية. لا ازعم انني بحثت عنه بجدية مطلقة، الا ان من المناسب ان استطيع التعرف عليه وعلى مكان وجوده دون ارهاق ميزانية الوقت. ولنتذكر دائما ان كتب وزارة الثقافة هي الارقى بين كل ما تنج دور النشر عندنا من كتب، مع احترامي لكل تلك الدور. هي محكمة مهما ضعف التحكيم. و هي ليست تجارية تنشر والعين على المردود المادي. وهي تجسد التوجهات الفكرية للسياسة السائدة وليس هذا بالامر الذي يستهان به.

رابعا: امنية ثانية: تعريف بمن تولى مهام الوزارة منذ تأسيسها:

قد تكون هذه الامنية اسهل تنفيذا. على اجدار داخلي في الوزارة قائمة جميلة تذكر اسماء الوزراء الذين تعاقبوا عليها منذ احداثها. تكتفي القائمة بذكر الاسماء. هذا امر مفيد، وبالامكان جعله اكثر فائدة عن طريق تقديم مزيد من التعريف بالوزراء. لكثير منهم مؤلفات. بعضهم سياسي حاز المنصب نتيجة ظروف سياسية ولاضير في ذلك. في عهد بعض منهم اتخذت الوزارة قرارات هامة. من الطبيعي ان التعريف بالوزراء ليس امرا سهلا. انه يتضمن عملية تقييم. ولا ينبغي ان نخشى من هذه العملية. ليس الوزراء سواء. لكل منحاه. لا يكتب تاريخنا بمنح كل من تعاقب عليه من المسؤولين درجة تقييم واحدة. فلنقدم على خطوة لا بد منها لكي نستوعب ما فينا من تنوع ووحدة. فلنقيم وزراء الثقافة مع ميل شبه واضح الى الايجابية، وليكن هذا العمل من صنع مجموعة باحثين موثوقين، اسماؤهم مذكورة في المنتج. او فلتكن الطبعة الاولى منه، التي يحسن صدورها بمناسبة يوم الوزارة الثاني ، فلتكن من اعداد باحث واحد يتلقى هو النقد بصفته الشخصية كباحث. فلنحاول. انها محاولة في معرفة الذات. ورأس الحكمة معرفة الذات.

خامسا: كلمات ختامية:

اشكر الوزير عصام خليل لانه ، ذات تهنئة، سألني الرأي فأجبته فتبنى ما رأيت. وسأضاعف الشكر له ان اعلن، على النحو الذي يراه مناسبا، عن ترحيبه بكل ما يرده من اقتراحات بشأن كيفية التعامل مع يوم وزارة الثقافة. وارجو ان يبقى ماثلا في ذهنه ان يوم وزارة الثقافة هذا العام هو آخر يوم ثقافة قبل مقدم مناسبة جليلة هي الذكرى السبعون لعيد الجلاء. 

ثم بمناسبة سبعين عاما على عيد الجلاء، هل بامكاننا التفكير في الاعلان عن تشكيل لجنة حكومية، او تشاركية – اي حكومية وغير حكومية -- تعنى بوضع برنامج للاحتفاء بالمناسبة؟ نعم! بامكاننا. لم لا؟ انه ذكرى جلاء الاجنبي عن ارض دولتنا . انه يشجعنا على مزيد من  بذل الجهد باتجاه جلاء جديد. والسؤال ليس موجها الى وزير الثقافة وحده. انه موجه ، قبله، الى رئيس مجلس الوزراء، وان اتى بمناسبة الحديث عن يوم وزارة الثقافة.

ثم ماذا عن الوزارات ومؤسسات الدولة الاخرى؟ اليس من المناسب ان يكون لكل واحدة منها يومها، دعما لروح المهنية في العمل، وما ما تخلقه المهنية من تضامن.

الدولة بجيشها لا ريب. الدولة بقوى الامن الداخلي فيها. والدولة ايضا بثقافة المجتمع الذي تدير شؤونه الحكومات، او تمارس لاثر عليه. الدولة بمثقفيها  وبنخبتهم من المفكرين والمبدعين والفنانين ممن لوزارة الثقافة صلة بهم.

ثم لا بد من الختام بما يسهل تنفيذه. من الضروري ضبط صحة اسماء الوزراء في القائمة التي تزين جدارا في الوزارة. لم انظر في القائمة مجددا. الا ان آخر نظرة مني اليها، قبل نحو من عام، فاجأتني باستمرار خطأ في اسم احد الوزراء، رغم حديثي مع احد الوزراء السابقين عن هذا الخطأو ورغم كتابتي عن ذلك في احد المقالات. ليس الخطأ جسيما. لم يظهر اسم الوزير، رفيق جبرائيل بشور، بل ظهر اسم والده. الا ان خطأ في اسم وزير ضمن قائمة اعدتها وزارة الثقافة لا يشجع ما ينبغي ان يكون ديدنا ، ولاسيما في عملنا الثقافي، وهو الدقة في التوثيق.

دمشق في 22 آب 2015                          جورج جبور

الأحد، 9 أغسطس 2015

في العام السبعين لولادة اليونسكو: ذكريات واضاءات وفكرة بمناسبة مئوية وعد بلفور



اولا: لماذا هذه الذكريات والاضاءات، وما خطة تنظيمها؟ 

في عام 1947 وجدت نفسي، مع لداتي ضمن الهم العام. كنت في التاسعة حين صدر قرار تقسيم فلسطين. اشتركت مع الزملاء التلاميذ في الاحتجاج. كرهت الامم المتحدة . ثم في عام 1948 دخلت في حب اليونسكو. لم اكن اعرف الرابط بين منظمة السياسة الاولى ومنظمة الثقافة الاولى. أدخلني في حب اليونسكو مرب صافيتي شهير هو الاستاذ اديب الطيار. كان للاستاذ اديب ان يشهد مؤتمر اليونسكو في بيروت ثم ان يخبرنا عنه. لا ادري باية صفة ذهب الى المؤتمر ولا ادري ان تكلم فيه. لكنه حدث صافيتا عنه، وعن اليونسكو، فأشاع فيها روحا من التفاؤل بالمستقبل. ولم تستطع الايام ان تصرفني عن الاهتمام بالامم المتحدة وباليونسكو. وكيف تصرفني وتوافينا من المنظمتين يوميا انباء تذَكر بهما؟
وتحتفل المنظمتان هذا الخريف ببلوغهما السبعين. تسبق الامم المتحدة اليونسكو في تاريخ ولادتها. انه 24 تشرين الاول 1945. اما اليونسكو فكانت ولادتها في 16 تشرين الثاني 1945. الا ان ولادة الامم المتحدة كان حدثا دوليا كبيرا وكانت سورية في صميمه ، بينما تواضع حدث ولادة اليونسكو ، وكانت سورية في صميمه ايضا.
تابعت اهتمامي باليونسكو من خلال دراسة المنظمات الدولية. كان لي اقتراح في اوائل السبعينات للاهتمام بالعام الدولي للكتاب. استجاب وزير التربية آنذاك، الصديق الاستاذ عدنان بغجاتي، رحمه الله. جلست مع اللجنة الوطنية لليونسكو لأول -- ولآخر – مرة. أصدرنا توصيات فرحت حين رأيتها منشورة في الصحف.
وتابعت، في سنوات لاحقة ، اهتمامات ثقافية لليونسكو صلة بها، ولكنني لم اكن في اي يوم من الايام جزءا من الفريق السوري المكلف بالعلاقة معها. وعلى مدى سنوات عملي لم تكن كثيفة او وثيقة علاقتي باليونسكو.
وهنا يرد سؤال وجيه: كيف تكون لي اذن ذكريات عنها تستحق ان تدون؟ وللاجابة عن هذا السؤال اخصص الاجزاء الثلاثة التالية لمواضيع هي حقوق المؤلف والاهتمام بالاعياد الاسلامية وحلف الفضول . ثم اتحدث باختصار عن ترشيح الدولة السورية لي للعمل مديرا لادارة حقوق الانسان في اليونسكو ، وعن ترشيحها لي لنيل جائزة التسامح ، واتقدم بعد ذلك لاضع على الورق حديثا هاما عن اليونسكو وثلاث طرائف ، وأختم بنظرة عامة الى لليونسكو، وبفكرة اراها تستحق التمحيص. ومن ثم اترك الحكم للقارئ ليرى ان كان في تدوين هذه المذكرات ما ينفع الناس. ولاسارع الى مناشدة كل من عمل من السوريين في الحقل اليونسكي، ولاسيما من المهتمين بالتربية وبالآثار ، تدوين ما خبروا. ذكرياتهم تاريخنا.

ثانيا: حقوق المؤلف:
في عام 1977 تلقيت دعوة مشتركة من اليونسكو والاومبي( وهي الوايبو) لتقديم بحث في حلقة علمية تعقد في المغرب بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة. لعل سبب دعوتي ما ذاع عن محاضرة القيتها في دمشق عن الملكية الفكرية ، محاضرة كتب عنها لاحقا  رئيس اتحاد الناشرين السوريين واصفا اياها بانها الاولى من نوعها في سورية. جاءت محاضرة المغرب لتعالج موضوع حقوق المؤلف في الاقطار العربية غير المنضمة الى الاتفاقيات الدولية بهذ الشأن. لقيت المحاضرة قبولا جيدا في الحلقة عبر عنها علنا الدكتور  محمد ثروت سرور، وكان ممثل الالكسو لدى اليونسكو واصبح لاحقا رئيس مجلس الشعب المصري. بقي معي من زيارة المغرب انطباعان لا يغيبان وذكرى سارة. الانطباع الاول قاس ومنعدم الفائدة. مضيفنا من الكسو --- وهو جزائري --- لم يتمكن من اجتياز الحدود بين البلدين العربيين المتجاورين. كدت اسجل انسحابا، وسعيت لكي تؤجل الندوة او تقنع الحكومة المغربية بالسماح لمضيفنا بالحضور. ثم رضخت وقد شجعني عليه رضوخ "غزية" التي ما انا الا منها. الانطباع الثاني قاس وفيه توسيع افق لا بد منه. حين امتدح الدكتور حسن صعب، اللبناني العروبي، امام الضيوف المدعويين على مأدبة صاحب دار نشر مغربية هو الاستاذ محمد ابو طالب، حين امتدح توسع استعمال المغاربة للعربية في مداخلاتهم التي سمعها، وزاد بتحية عروبة المغرب، ثارت عليه ثائرة زوج المضيف قائلة: نحن امازيغ ولسنا عربا. وكان هياط ومياط. الا ان حضور المأدبة سهل هضم ما جرى. اما الذكرى السارة فهو حديث مطول مع شقيق صاحب الدعوة، الدكتور عبد الهادي ابو طالب، السفير والوزير والمستشار، عن شجون العلاقات بين الاشقاء القادة العرب ، شجون خبرها وكان له دوره في علاجها والله اعلم.
واستغرقتني مسائل حقوق المؤلف ووسعت قراءاتي فيها وتضاعفت محاضراتي عنها. لاحظت ان اليونسكو  تذكر لليونان وللرومان تاريخا من الفضل في ترسيخ مفاهيم السرقة الفكرية ولا تذكر للعرب شيئا من ذلك. قلت ذلك في محاضرة عامة في حلب حضرها الدكتور مصطفى ميرو، زهو آنذاك محافظحلب . اهتم بالامر مدير ثقافة حلب . كتب الى وزارة الثقافة. ولا اعرف عن آثار تلك المراسلة الرسمية الا ما ذكرته عنها في الصفحة 10 من كتابي وعنوانه: في الملكية الفكرية ( دمشق، دار الفكر، 1996). هل من متبرع في وزارة الثقافة يخبر القارئ عما اذا كان كلام حلب قد انتقل الى دمشق فباريس؟
ربما انه انتقل. ذات يوم تلقيت دعوة مشتركة من اليونسكو ومن الالكسو الى حلقة ضمت ما دعي" المستشارون العرب في حقوق المؤلف" ، وعقدت في تونس بين 28 – 5 و 1 – 6 – 1990. كانت المهمة وضع هيكل مقرر دراسي عن الملكية الفكرية على المستوى الجامعي. كان في الحلقة خبير الملكية الفكرية الذي ورث هذا العلم عن والده ومضى به الى آفاقه الجديدة. لدي اسمه، ولكنه لا يحضرني وقت الكتابة. اما والده فهو المحامي محمود لطفي الذي ما ازال اتذكر الحماسة التي أخذته حين حدثني دات لقاء عن تعبه في متابعة الاذاعة المصرية حتى اقنعها باعطاء مطربي مصر ما يستحقون لقاء اذاعتها اغانيهم. في الحلقة ادخلت جزءا تمهيديا عن اهتمام العرب بحقوق المؤلف ، شفعته بضروة ان يبتدئ المقرر ببيت شعر للمتنبي وضع به الاساس القانوني لحقوق المؤلف المادية:
          أجزني اذا انشدت شعرا فانما          بشعري اتاك المادحون مرددا
ظهرت مقترحاتي في صلب التقرير الختامي يتوجها بيت المتنبي. واسأل ان كان ثمة متبرع من الالكسو يتابع التنفيذ.  

ثالثا: الاهتمام بعيدي المسلمين ولاسيما بالاضحى:
في احد اعداد جريدة الرأي الاردنية ، اواخر عام 1987، قرأت اعلانا عن شغور وظيفة مدير ادارة حقوق الانسان في اليونسكو . رشحتني الحكومة السورية، ولم افز كما سيرد في مكان لاحق. الا ان المدير العام دعاني-- تقديرا لي، او تبرعا منه بجائزة ترضية -- للاشتراك في مؤتمر حاشد عنوانه : بناء السلم في عقول البشر. عقد المؤنمر في ساحل العاج صيف 1989. عهد الي في ذلك المؤتمر بالقاء كلمة المشاركين --- وعن هذاالامر ثمة المزيد في مقال نشرته مجلة الآداب اللبنانية 2002 -- . من ساحل العاج غادرت الى باريس حيث رأيت المكوث فيها اياما قبل العودة الى دمشق. اول مكالمة اجريتها في باريس كانت الى مكتب المدير العام . طلبت موعدا. كانت المكالمة الثانية مع السفير في باريس، الصديق الاستاذ حنين حاتم. اتفقنا ان نكون معا في جامع باريس صباح 13 تموز 1989 لكي نهنئ السفراء العرب بعيد الاضحى ، وبعض منهم كان من معارفي اثناء قيامه بالسفارة في دمشق. ما ان ختمت مكالمتي مع السفير حتى رن الهاتف. كان المتكلم مدير مكتب المدير العام. توقيت موعدي في ذات توقيت الموعد مع السفير. اعتذرت متعللا بما لا يناقش: سبب الاعتذار ديني. عاد المدير الى رئيسه ثم الي ليقول : لا وقت لديه الا يوم 13 تموز، لكن لك الحرية في اختيار الساعة التي تلائمك ولا تتعارض مع واجبك الديني. قلت : فليكن موعدي آخر ما لديه في ذلك اليوم. وكان الامر. حين جلست الى السيد فيديريكو مايور بادرني بسؤال قال هو نفسه عنه انه لا يسأل: ما دينك؟ قيل لي انك مسيحي. فما هو و اجبك الديني في هذا اليوم؟ أجبت: بل هو واجبك الديني قبل ان يكون واجبي. هذا اليوم هو الاقدس في التقويم الهجري، وها انت، مدير عام منظمة الثقافة الاولى في العالم، المسؤولة عن حوار الثقافات والاديان، ها انت لا تدرك اهمية ذلك اليوم. كان سلفك مسلما وكان يرسل الينا برقيات تهنئة بهذا العيد وبشقيقه عيد الفطر. وانت حتما لم تفعل ذلك. قال: لم يخبرني احد رغم ان نائبي اردني-- هو عدنان بدران وقد تولى رئاسة الوزارة في وقت لاحق -- ومدير الشؤون الخارجية يمني -- هو الدكتور احمد الصيلد -- . قلت لا ادري لماذا لم يخبراك، وربما انهما توهما انهما، ان اخبراك ، فقد تحسب انهما من المتعصبين اسلاميا. ها انذا اخبرك. قال: امن المتأخر ارسال برقيات تهنئة الآن. قلت: لا. ابلغ مدير مكتبه ان يفعل. ابلغه بحضوري. اكبرت فيه هذا الموقف. شجعني فاسترسلت: لماذا لا تكون هنا في اليونسكو فعالية بهذه المناسبة؟ لماذا لا تهنئ العاملين معك من المسلمين؟ لماذا لا تعطل اليونسكو يوما واحدا في العام، يوم الاضحى، مشاركة المسلمين في عيدهم المعروف بالكبير؟ امامه ورقه . أخذ يكتب ما اقول. ما ان صمت، حتى تنفس الصعداء هاتفا: : سجلت كل ما قلته ، وانفذه في 13 تموز من العام القادم. وبالطبع اقتضى ذلك مني شرحا اضافيا لا اظن انه ارتاح اليه او – حتى – استوعبه .دقائق اثر خروجي من مكتبه اشرقت علي الفكرة. تيقنت ان اهم ما بحثته معه انما هو موضوع التعطيل، وانه لموضوع يستحق ان يكون عنوان تحركي حتى يتم. كيف لا؟ وهو مفيد لحضارة العرب والمسلمين، مفيد لحوار الحضارات والديانات، ومفيد لي شخصيا في اطار انشغالي بالشأن العام.وبالفعل أخذت ادعو الى الفكرة حين يسمح المقام. ثم كانت مناسبة يوم الامم المتحدة في عام 1990. الكويت محتلة، والعراق مهدد بحملة عسكرية دولية هدفها المعلن تحرير الكويت، والذات العربية مرتبكة بين سيئين : واحد كان وثان سيكون. القيت محاضرة في اتحاد الكتاب العرب عن الحال العربي . الحال متأزم وعدد الحضور من السفراء العرب في دمشق كبير. وفي السيق اوردت فكرة تعطيل يوم واحد على الاقل، هو الاضحى. كأن الفكرة اتت ترياقا لممثل الدولة العربية الاكبر في زمن التخبط الاكبر. أحبها السفير المصري العروبي الصديق الدكتور مصطفى عبد العزيز . ما ان انهيت محاضرتي حتى سعى الي قائلا: فكرة التعطيل فاعلة وغدا ستكون امام وزير خارجية مصر. صبيحة اليوم التالي أعلمت وزير الخارجية السوري  بحديث السفير. ثم كان للمحاضرة ان تنشر في جريدة تشرين الدمشقية، واخترت مع المحرر ان نسلط الضوء على الاقتراح، فكان لمؤامرتنا الاعلامية الصغيرة اثرها. هتف لي وزير الاوقاف ، الدكتور عبد المجيد طرابلسي. كلف مدير التحرير بالثناء على الفكرة في افتتاحية العدد القادم من مجلة نهج الاسلام التي تصدرها الوزارة. هتف ثانية مبينا ان الافتتاحية ستطالب الامم المتحدة بالتعطيل ليس في عيد الاضحى فقط، بل في اربع مناسبات اسلامية سنوية، فهل من ضير في هذا؟ وافاني مدير تحرير المجلة بالافتتاحية. احببتها واجزتها. صدر العدد الجديد من المجلة في ربيع عام 1991. كنت اتفقت مع الوزير على ان تستقل الافتتاحية بفصلة حتى يسهل ارسالها بريديا دون عبء ارسال المجلة كلها. حصل. شغل البريد بنقل الفصلة. اما الصدى فغائب. داخلني غيظ مكتوم من الفشل داريته بالقول المأثور: اللهم فاشهد، اني بلغت.ثم كان يوم في عام 1996 صدر فيه خبر عن الامم المتحدة. قرر بطرس بطرس غالي، الامين العام، ان لا مؤتمرات في اول يومي الفطر والاضحى عام 1996 . وتابع الخبر: "جاء القرار بناء على طلب مصر".كان ذلك  قبيل عيد الفطر. بعد اسابيع ثلاثة مما جرى في نيويرك جاء قرار واشنطن: البيت الابيض يحتفي لاول مرة بعيد الفطر. ثم في عام 1998 وافقت الجمعية العامة للامم المتحدة على منح عطلة رسمية لكل العاملين في كل مكاتبها على امتداد العالم اول يومي الفطر والاضحى. " جاء القرار بناء على طلب مصر" . هكذا نقلت وكالات الانباء عام 1996. اين ذهب حقي وحق سورية ، ممثلة باتحاد الكتاب العرب وجريدة تشرين ومجلة نهج الاسلام ، اين ذهب حقها في الادعاء بملكية الفكرة؟ في اليوم التالي لقرار غالي اصدرت بيانا اعلاميا أعدت فيه الامور الى اصلها في التقاليد السورية ، والى ظروفها الباريسية فالدمشقية . وزعته على وكالات الانباء العالمية في دمشق. بعضها اكترث به. نشرته بالكامل مجلات عربية تصدر في اوروبا منها مجلة النور اللندنية الشهرية النافذة. في البيان شكر لمصر. ولم يكن شكرا صافيا. كان فيه ما يشبه العتب والتحدي. . نحن في سورية نعطل اياما ثلاثة في مناسبات مسيحية بينما انتم في مصر لا تفعلون . لن اطيل في موضوع ملكية الفكرة. اصدر غالي مذكراته عن عمله امينا عاما للامم المتحدة. لم يتحدث فيها ابدا عن موضوع التعطيل . هو الذكي الدقيق يعلم ان قرار التعطيل اهم ما اتخذته الامم المتحدة من قرارات في مجال اظهار احترامها للاسلام ، فلماذا لا يذكر ما بدأ دوليا بقرار منه؟ ربما، وهو الذكي الدقبق، لم يشأ ان يبدو ، كأنه  ومصر صاحبا الفكرة، ولم يشأ ان يقر لسوري ولسورية بالفضل . أقول قولي هذا وأرجو ان يصله فيوضح، وهو ، في ما أحسب، يتمتع بالقدرة على التفاعل مع ما يوجه اليه من ملاحظات. ويطول امر التعطيل ان شئنا له التطويل. تحاول اسرائيل اقناع الامم المتحدة بالتعطيل في يوم الغفران. وتحاول دول آسيوية اقناع الامم المتحدة بالتعطيل في مناسبة بوذية. التفاصيل كثيرة فلأذهب الى ما عليه التعويل في وقت الكتابة في منتصف تموز 2015. بدأ، في 13 – 7 - 1989 الحراك الدولي بشأن التعطيل الديني في منظمات دولية حكومية علمانية ، بدأ من حديث في مكتب السيد مايور، مدير عام اليونسكو. الا ان المفارقة الكبرى هي ان الامم المتحدة ومعها معظم عائلتها من الوكالات المتخصصة اقرت التعطيل في عيدي المسلمين .. الا واحدة هي اليونسكو، وهي التي كان عليها -- بحكم اختصاصها الثقافي ، وايضا بحكم كثافة نسبة العاملين فيها من المسلمين ، مقارنة بالوكالات الاخرى -- ان تكون الداعية اليه والبادئة به. لماذا المعاظلة؟ لا ادري. رسميا: كتبت لي ادارة اليونسكو ذات يوم ان ايا من الدول الاعضاء لم يطلب. لماذا طالبت الدول الاسلامية في نيويورك ولم نطاب في باريس ؟ لا ادري ، لكنني اقدم هذه الفرضية. لا بد من رضى فرنسا في امر اداري تنظيمي كالتعطيل في عيدي المسلمين. ومن المرحج ان فرنسا لن ترضى لأن قرارا تتخذه اليونسكو بالتعطيل في عيدي المسلمين سيكون له صداه الواسع في المجتمع الفرنسي، ونسبة المسلمين فيه  مرتفعة. الا ان علينا التعرف على العاصفة قبل ان تعصف. من الافضل لليونسكو ان تعطل في عيدي المسلمين، ومن الافضل لفرنسا ان تنظر في ذلك الامر ايضا. وتبقى المناسبات الدينية مصدر تفاهم -- او تخاصم -- في عالمنا . كانت وما تزال. وأختم لمن يهتم بالتوثيق رغم انني في حديث ذكريات. اصدرت في عام 2003 طبعة جديدة من كتاب عنوانه: الامم المتحدة والتعطيل في الاعياد الاسلامية (دمشق ، 101 صفحة من القطع الصغير) وبامكان من يشاء الاستزادة الاطلاع عليه مودعا ومتاحا في المكتبة الوطنية ( مكتبة الاسد).

رابعا:حلف الفضول:
هو حلف تعاهد فيه فضلاء مكة ، اواخر القرن السادس الميلادي، الا يدعوا ببطن مكة مظلوما من اهلها او ممن دخلها من سائر الناس الا كانوا معه على ظالمه حتى ترد مظلمته. يرد ذكر الحلف في كتب السيرة النبوية. ومن المرجح ان جيلي تعرف عليه في بعض كتب مرحلتي الدراسة الاعدادية والثانوية.                     

ومن المرجح ايضا انني عدت الى تذكر الحلف حين كنت امارس التدريس في معهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة بين عامي 1977 و1979.كان في عداد نشاطات المعهد، اثناء عملي فيه، المشاركة في الحوار العربي – الاوروبي ، وهو احد نتائج حرب تشرين التحريرية. كانت تأتينا الى المعهد وفود اكاديمية اوروبية. وكعادة الحكومات الاوروبية كانت هذه الوفود تثير معنا مسائل حقوق الانسان. نعلم بالطبع ان معالجتنا لتلك المسائل ليست على ما يرام . ونعلم ايضا ان لدى بعض الغربيين نظرة ترى ان كل الحضارة العربية – الاسلامية الباذخة كانت ضعيفة في مجال حقوق الانسان. لن ادخل هنا في دهاليز هذا الامر، لكن تفاعلنا مع الغرب اقتضى منا نحن الاساتذة المعنيين بالحوار في المعهد ان نعود الى تاريخنا للتركيز على ما فيه من تجارب ايجابية في مجال حقوق الانسان.في تلك الاجواء ابتدأت بالتيلور عندي فكرة ان من الممكن اعتبار حلف الفضول اول هيئة في العالم لتنظيم الدفاع عن حقوق الانسان الى ان يثبت العكس.
عام 1987 رشحتني الحكومة السورية لشغل مهمة مدير حقوق الانسان في اليونسكو. اخذت بتوسيع مداركي عن الحلف وعن وقفات عربية اخرى في مجال حقوق الانسان. ثم حانت ، اوائل عام 1993، فرصة اعلان الدعوة الى اعتبار الحلف اول هيئة  لتنظيم الدفاع عن حقوق الانسان في العالم الى ان يثبت العكس. تمثلت الفرصة في دعوة الامم المتحدة الى عقد مؤتمر كبير في فيينا بمناسبة 45 عاما على صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان. اخترت البدء من اعلامنا السوري. ارسلت الى صحفنا الثلاث السورية مقالا يتضمن الدعوة. فازت بالسبق جريدة الثورة في21  كانون الثاني 1993. لم تعط المقال بروزا سياسيا كبيرا ، الا ان تعاطفها معه كان واضحا.
عاد علي النشر، في ذلك اليوم، بمكالمات تهنئة عديدة من شخصيات سياسية بارزة منها اعضاء في القيادتين القومية والقطرية. الا ان التهنئة ذات المعنى العملي اتت في اليوم التالي، ومن شخص لم اتوقع منه اي تفاعل مع الحلف. انه السفير السويسري في دمشق. اسمه في ملفاتي، وهو من سويسرا الالمانية. اتصل بي الى المكتب مبتداأ حديثه بالقول، متظارفا في ما يشبه الاعتذار، ان لدى سفراء سويسرا في العالم الاسلامي وظيفة اخرى غير التمثيل الدبلوماسي. انهم جميعا مساعدون بحثيون لدى علامة سويسري من اصل فلسطيني ، اسمه ديب ابو ساحلية، الباحث في القانون المقارن لدى جامعة لوزان. ترسل السفارات الى الباحث الفلسطيني كل ما تقع عليه من مقالات واخبار تختص بحقوق الانسان. ابو ساحلية مهتم بمقالي ويود ان يهاتفني. هل اسمح للسفير يان يمده برقم هاتفي، وما الوقت الذي افضله لتلقي المكالمة؟ وكانت المكالمة. ثم بعد اشهر قليلة تلقيت من ديب هديته: هي كتاب تدريس جامعي في حوالي 800 صفحة بالفرنسية عنوانه : الاسلام وحقوق الانسان. في الصفحة الاولى من فصله الاول كلمة عن تاريخ فكرة حقوق الانسان . يورد اولا رأي اليونسكو، ثم رأي الحكومة السويسرية ، ثم رأي العربي المسيحي الذي هو شخصي الضعيف. ما اظنها كثيرة مقالات جريدة الثورة التي حظيت بمثل ذلك العز الاكاديمي.
كانت تلك جرعة تنشيط ناجعة . ويطول الامر ان احببت متابعة جرعات التنشيط. لكن ماذا عن فيينا ومؤتمرها؟ اتصل بي ذات يوم مدير مكتب وزير الخارجية ونقل الي طلب الوزير امداده بمقالاتي وبما لدي من مراجع عن حقوق الانسان.أمددته بما لدي بعد تقديم وعد قاطع باعادة ما اعير. اتصل مدير المكتب يعد مدة واعلمني انني ساكون في عداد الوفد الى فيينا. اتصل ثانية عشية المؤتمر واعلمني تفاصيل الرحلة التي تبدأ بعد ساعات. بعد دقائق  اتصل احد العاملين في مكتب رئيس الوزراء مبينا ان الرئيس يحتاجني لامر عاجل هام خطير في فترة عقد المؤتمر. غبت عن المؤتمر وغاب عنه معي حلف الفضول. ماذا عما اعرته من كتب ومقالات لمكتب الوزير؟ عادت بعد المطالبة، ولكنها عادت منقوصة. في ملفاتي رسالة الى الوزير بتاريخ 9 – 9 – 1993 اطالبه باعادة ما لم يعد.أهم كتاب مستعار لم يرد هو من تأليف اللبناني الأديب والمفكر الماركسي رئيف خوري، وعنوانه حقوق الانسان، وقد صدر في دمشق عام 1938.وكان لرئيف خوري ، في وقت لاحق، وقفات ذكية جدا مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان.، تصدى فيها للبناني الدكتور شارل مالك الذي كان له دور بارز في صياغته.
اين اليونسكو من حلف الفضول ، وما هذه المذكرات الا عنها؟
خيبة الامل هي الخلاصة الابرز.في صيف عام 1996 امضيت اجازة مطولة في باريس ، بهدف محاولة اقناع اليونسكو باالاحتفاء بذكرى 1400 عام على حلف الفضول في ذات مناسبة الاحتفاء بخمسين عاما على صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان . تجلت المحاولة في رسالة الى المدير العام بتاريخ 25 حزيران 1996. نالت الفكرة اعجابا منقطع النظير في لقاء لي مع الدكتور عدنان بدران، نائب المدير العام ، وقد غدا في وفت لاحق رئيسا لوزراء الاردن. اهتم بالامر ايضا، وبحماسة شديدة، الدكتور علي فخرو وهو آنذاك سفير البحرين الى فرنسا واليونسكو. بعد خمسة اسابيع وصلتني رسالة بتوقيع بدران، جوابا عن رسالتي الى مايور. في الرسالة امر لا يكاد يصدق:: " انتهينا من ترتييب برنامج الاحتفال بمرور خمسين عاما على صدور الاعلان العالمي. " تاريخ الاحتفال: كانون الاول 1998. اي انه " لم يعد ثمة شواغر في البرنامج " قبل ثلاثين شهرا . وفيها ايضا امر آخر: لست انت من يطلب. خاطب اللجنة الوطنية السورية لليونسكو لكي تطلب. وزاد ت الرسالة من كرمها معي فزودتني بعنوان اللجنة الدمشقي. انتهى الامر مع اليونسكو عند ذلك الحد. وما ازال اتساءل الى اليوم: لماذا فوتت اليونسكو فرصة للحفاوة بحلف الفضول من حيث ان هذه الحفاوة مدخل ملائم يقدم العرب من خلاله على الاقبال على ثقافة حقوق الانسان؟ هل يصح التذرع بان اليونسكو لم توجه اليها المخاطبة من قبل جهة حكومية  لكي تغفل التعريف بحلف يعطيه التاريخ الثابت مكانا عاليا في مجال حقوق الانسان؟ أليس من الواجب الطبيعي التعريف الواسع بوثيقة تنسجم واهداف اليونسكو في مجال حقوق الانسان، دون ان يتقدم احد بطلب؟  أما دمشق الرسمية فقد ظلت صامتة عن الحلف ،رغم التجاوب غير الرسمي الكبير مع فكرة التعريف الواسع به. ثم كان مؤتمر دربان لمناهضة العنصرية في ايلول عام 2001. سألني وزير الخارجية عشية المؤتمر عما ارى ان يوضع في خطابه من افكار. قبل بعض ما رأيت، وفي العداد حلف الفضول. كانت تلك هي المرة الاولى -- والاخيرة حتى الآن-- التي يرد بها ذكر حلف الفضول في كلمة رسمية معلنة.
بعد سنوات، وبالتحديد في عام 2004، وجهت اليونسكو الي الدعوة للمشاركة في مؤتمر نانت لحقوق الانسان . ظهر اسمي متكلما من المنصة في البرنامج . تحدثت في امور متعددة منها حلف الفضول. تلقيت اجابات متحمسة من متكلمين ابرزهم الاستاذ الطيب بكوش، مدير معهد حقوق الانسان في تونس، وهو الآن وزير خارجية بلده. تلقيت وعودا بالاهتمام بذلها بسخاء نائب المدير العام للعلوم الاجتماعية . تابعت مع اليونسكو ومع المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة، وكانت باركت جهودي، في عدد من البيانات الختامية لندواتها، بشأن التعريف دوليا بالحلف. الا ان خيبة الامل كانت الحصيلة. وارجح ان الحلف ما يزال غائبا عن ادبيات حقوق الانسان في اليونسكو. ويقال لي احيانا من قبل ذوي الخبرة: سبب التغافل عن الحلف مركزية اوروبية ولا سيما فرنسية، مركزية ترفض ان يكون للعرب دور معترف به في حقوق الانسان. من المحتمل ان يكون في هذا القول جانب من الصحة. ويبقى ان ثمة للمسألة جانبا آخر أهم وأخطر يختصر في انعدام الحماسة الرسمية العربية لمجمل حقوق الانسان ،وفي المجمل حلف الفضول.

خامسا: ترشيحان رسميان لم يقترنا بنتيجة:
ذات يوم قرأت في جريدة عربية عن اعلان اليونسكو قبولها الترشيحات لوظيفة مدير ادارة حقوق الانسان والسلم في اليونسكو. سالت السيد الرئيس حافظ الاسد ان ترشحني الحكومة السورية. وافق. في 16 ايلول 1987 وجهت الخارجية مذكرات الى حكومات العالم سائلة التأييد. كانت الاستجابات قليلة. وفي اتصالاتي مع اليونسكو لمست استغرابا لجهد سورية في محاولة ايصال احد مواطنيها لشغل هذه الوظيفة، رغم حماسة شارل فازاك ، مدير الادارة السابق ، لترشحي ومتبابعته لتفاصيله، ايمانا منه بضرورة كسر الاحتكار الاوروبي لحقوق الانسان. بقي الاحتكار. اختير للمنصب بولوني اختصاصه قانون البحار. ومن الطريف انني نزاملت مع هذا البولوني، واسمه سيمونيدس، في مؤتمر باكاديمية لاهاي للقانون الدولي عام 1965. هنأته وجددنا التعارف ، ولم تتولد صداقة حقيقية . وكان هو من صد محاولات الدكتور بدران  لاقناع اليونسكو  بالاهتمام بحلف الفضول وبالتراث العربي في حقوق الانسان. ثم ان من الواجب اثبات حقيقة هامة. لم تقدم اليونسكو على ما اقدمت عليه الامم المتحدة عام 1975 حين اصدرت القرار 3379 وبموجبه قررت الجمعية العامة ان الصهيونية شكل من اشكال العنصرية والتمييز العنصري. اليونسكو معنية اكثر من غيرها بدراسة العنصرية، لكنها لم تشغل نفسها بامر توصيف الصهيونية، رغم المحاولات العربية. تتأثر اليونسكو بالمحيط الثقافي الفرنسي. تراث التعاطف مع دريفوس كاسح في فرنسا. وبنتيجة محاكمة دريفوس اعلن هرتزل تحوله من توجهه الاندماجي الاصلي الى توجهه الصهيوني.في عام 1986 كنت المنشئ الاساسي للجنة العربية لدعم القرار 3379، ورئست اللجنة حتى ربيع عام 1991. ولعل ارتباط اسمي بالقرار كان من الاسباب التي حالت دون فوزي بما رشحت له. في علم 1987 .
ثم في ذات يوم وردني من اليونسكو اعلان عن فتح باب الترشح لجائزة اليونسكو للتسامح. فاتحت بالامر الدكتور محمود السيد، وزير التربية، وهو متابع لنشاطاتي الفكرية ، وكان قد ابدى حماسة لكتابي: ثلاث مبادرات من اجل حقوق حضارة العرب والمسلمين( دمشق 2000، واعادت وزارة الثقافة نشره ضمن مطبوعاتها عام 2008) . اقنع الوزير السيد اللجنة الثقافية الوزارية بتبني الترشيح فذهب الى اليونسكو. تلقيت، بعد اسابيع قليلة، اتصالا هاتفيا من السيدة بهية الحريري، وهي من محكمي الجائزة، وكان حديث جميل. الا ان الجائزة ذهبت الى شخص آخر.

سادسا: حديث هام وثلاثة طرائف:
كان لمايور ولع ببيان عرف باسم بيان اشبيلية عن العنف . يتألف البيان من خمس مسلمات اولها:" من غير الصحيح علميا اننا ورثنا عن اصولنا الحيوانية ميلا للحرب". وتستمر المسلمات الاربع الاخرى في الاتجاه نفسه، اتجاه تلتأكيد على ان بالامكان التخلي عن الحروب. ساهمت في مناقشة البيان خلال مؤتمر ياموسوكرو، واقره مؤتمر اليونسكو العام الخامس والعشرون، خريف 1989. وادرج اسمي في لائحة الخبراء الموصى بدعوتهم للحديث عنه. كذلك قمت بترجمته ونشرتها في جريدة الاسبوع الادبي. كان المسؤول التنفيذي الاول عن البيان استاذ امريكي هو ديفيد آدامز. ذات حديث مع آدامز عن العنصرية اخبرني امرا ينبغي وضعه امام المهتمين العرب، رغم انني لم ادقق في صحته التاريخية . قال آدامز ان احد الفرنسيين الذين كلفتهم الحكومة الفرنسية اختيار موقع في باريس ملائم لليونسكو اعلمه انه تلقى تعليمات عليا مؤداها ان عليهم اختيار مكان يذكر بمسألة دريفوس . هكذا اختير موقع اليونسكو الحالي الذي يجاور المدرسة الحربية ، وهي المكان الذي شهد تجريد دريفوس من اوسمته.ولنتذكر: ما تزال مسألة دريفوس شأنا يوميا في الحياة الفرنسية، فكريا وسياسيا، منذ 1894 والى الآن.
آتي الى الطرفة الاولى وهي من كتاب للمدير العام الاول لليونسكو، العالم البريطاني جوليان هكسلي. في كتابه بالانجليزية: من ارض قديمة ( لندن، ماكس باريش، ط 1: 1954 ، اط 8 1966) يقول هكسلي انه بعد مؤتمر اليونسكو العام الثالث في بيروت قام بجولة سياحية في بلاد الشام والعراق. عزيزة عليه فاتورة الحساب التي  قدمها له النادل في مطعم طرطوسي. اوردها في كتابه كما خطها النادل بالفرنسية، ملأى بالاخطاء( ص 160). ماذا اراد المدير العام ان يقول من خلال عمله هذا؟ الاستهزاء بفرنسية النادل؟ البرهنة عل ان فرنسيته افصح من فرنسية النادل؟ اظهار دفاعه عن الفرنسية في اوساط اليونسكو؟ في كل حال، شعر بطرافة الفاتورة واحب اثباتها في مذكراته، وهذا حقه. الا انني ، وانا من صافيتا المجاورة لطرطوس، لم استسغ ما قام به.
 اما الطرفة الثانية فكان مسرحها قاعة محاضرات كبرى في مبنى اليونسكو شهدت وقائع مؤتمر عن شارل دوغول عام 1990. قبل ثلاث سنوات من ذلك التاريخ، وبالتحديد في عام 1987، نشر االلواء حافظ اسماعيل ، المستشار السياسي للرئيس السادات، مذكراته واورد بها ان " اتحاد التجارة العربية" هو الذي فجر انابيب النفط في سورية عام 1956. اتحاد العمال العرب هو الذي اعلن قيامه بذلك العمل. لماذا أخطأ المستشار؟ لأنه ترجم التعبير خطأ عن الانجليزية. اتحاد العمال العرب هو بالانجليزيةِArab Trade Union . نشرت عن المذكرات تعليقا به تساءلت: هل يترجم صاحبنا مذكراته عن الانجليزية وهو لا يعرفها حق المعرفة؟ القيت في مؤتمر اليونسكو عن دوغول بحثا عن دوغول واسرائيل والصهيونية. ما ان توجهت من المنصة الى مقعدي حتى فاجأني شخص مهنئا معرفا بنفسه كما يلي: " انا حافظ اسماعيل الذي يترجم مذكراته عن الانجليزية" . تضاحكنا وانعقدت بيننا صداقة طيلةايام المؤتمر. اكبرت في المستشار اخلاقه الرفيعة و اسلوبه الرائع في الاعتراف بخطئه.
الطرفة الثانية مرحة اما الثالثة فلا.. من من المثقفين السوريين راودته فكرة الترشح لاعلى منصب ثقافي في العالم؟ ذات يوم كان لي حديث في هذا الامر مع الدكتورة نجاح العطار ايام توليها وزارة الثقافة. في حديث عابر مرت هذه الخاطرة ولم يوقفها اي منا. لكنني توقفت عندها، بل فكرت في متابعتها وانا في الستين من العمر. ولدي ما اراه انجازات هامة بمعايير الاهلية الثقافية لتولي المنصب. الذي لم يسبق لعربي شغله. في آذار 1999، بعد ثلاثة اشهر من تقاعدي، كنت ازور اليابان بدعوة من وزارة خارجيتها لاحاضر في معهدها الدبلوماسي. في اول لقاء لي مع معاون وزير الخارجية، وبعد المقدمات المعتادة واستعراض برنامج الزيارة، اخذت اتجه بالحديث الى ما ادعوه " الانجازات" التي ينبغي ان تهتم اليونسكو بها. جبهتني مباشرة خيبة امل فادحة. ما ان ذكرت اليونسكو حتى امتدت يد المسؤول الياباني الى ملف قدمه لي. انه ملف ترويج اسم المرشح الياباني لمنصب المدير العام . وقد فاز.

سابعا: نظرة الى اليونسكو وفكرة تصلح للتمحيص بمناسبة مئوية وعد بلفور:
يتطلب الحكم على اليونسكو مجالا اوسع من فسحة المكان المتفق عليه مع مجلة المعرفة. لكنني اضع هنا بضعة رؤوس اقلام كما يلي:
 لفرنسا اثر كبير على اليونسكو ،لعله يتجاوزاثر امريكا على الامم المتحدة.
واليونسكو منظمة اوروبية اساسا ، نعاونت فيها تاريخيا انجلترا مع فرنسا . وكان من نتائج ذلك الاتفاق العهدة لانجليزي بمنصب اول مدير عام لليونسكو.في وقت لاحق، اخذت انجلترا تبدي انسجاما اكبر مع المواقف الامريكية.
وعلاقة امريكا ياليونسكو معقدة. تود امريكا ان تحصر اليونسكو اهتمامها بالتربية، وان تبتعد عن الثقافة والاعلام. وقد انسحبت امريكا من اليونسكو لسنوات طويلة نتيجة موقفها من احمد مختار امبو ، مدير عام اليونسكو الذي حاول ترشيد وانسنة الاعلام العالمي بما رآه يخدم السلم في العالم. اعتبرت امريكا موقفه تقييدا لحرية الاعلام وحاربته بشراسة.
والاتفاقية الدولية للتنوع الثقافي تمثل فوزا كبيرا لفرنسا على امريكا في موضوع محاولة وقف امركة العالم.
ورغم ان الصهيونية راسخة في الثقافة السياسيةالفرنسية التقليدية منذ اواخر القرن التاسع عشر، ولاسيما في ثقافة حقوق الانسان، الا ان ما يعاني منه الفلسطينيون من عنصرية اسرائيل ، جعل من فرنسا، بسبب تقاليدها في حقوق الانسان، تتعاطف مع الحقوق الفلسطينية باكثر من تعاطف امريكا مع هذه الحقوق. كان لفرنسا اثر في قبول اليونسكو فلسطين دولة كاملة العضوية فيها. سبب هذا القبول وقف امريكا دفع مساهماتها المالية لليونسكو مما حرمها من حقها في التصويت. قبل نحو من عام. وارجح ان امريكا ما تزال منعدمة الصوت، وارحب بالتصحيح.

وأختم بفكرة تصلح للتمحيص بمناسبة مئوية وعد بلفور.
بعد عامين تحل الذكرى المئوية لتصريح بلفور  الذ ي نسميه وعد بلفور المشؤوم، وافضل ان نطلق عليه وصف " الوعد الوغد".لم يذكر الوعد سبب اجازنه اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، والتأثيرات الدينية على هذه الصياغةواضحة في كل حال. تبنت عصية الامم الوعدووضعته في نص صك الانتداب على فلسطين. الا ان عصة الامم منظمة علمانية،وهي مسؤولة سياسيا. كيف برر الصك الوعد؟ لم يبرره دينيا ، والمنظمة علمانية. برره تاريخيا. تحدث الصك عن العلاقة التاريخية بين اليهود وبين فلسطين. التاريخ، في منظومة الامم المتحدة، يقع في عهدة اليونسكو. من المنطقي جدا، بمناسبة مئوية وعد بلفور، ان نحاول اقناع اليونسكو بالتصدي لمهمة ايضاح العلاقة التاريخية بين فلسطين وبين كل الشعوب ذات العلاقة بتاريخ فلسطين.  من المؤكد ان مثل هذا الايضاح ينال، جزئيا على الاقل، من وعد بلفور. الانتصار في مثل هذه الجزئية لن يؤمن للفلسطينيين حقوقهم ، لكنه يسهم في مسيرة تأمين تلك الحقوق.

 انتهى ما حضر في الذهن عن اليونسكو ، واعود الى سؤال البداية: هل يرى القارئ الكريم ان ما سبق يستحق التدوين والنشر؟ ارجو في كل حال ان نعتبر ما كتبت لقمة فاتحة للشهية في العام السبعين لتأسيس منظمة احبها، علينا ان نتثقف بثقافتها ، ولاسيما ان دستورها يقرر، في سطره الاول ، ان بناء السلم بتم اولا في عقول البشر.