الأربعاء، 24 أغسطس 2016

مخطط محاضرة بعنوان تقترب مئوية وعد بلفور، فما العمل؟

أولا: الأهمية الاستثنائية لوعد بلفور في مسيرة قضية فلسطين:

 هو نص تضمنه صك الانتداب الذي أقرته الدول الاعضاء في عصبة الامم. ومن رحمه جاء قرار التقسيم فولادة " اسرائيل". من شبه المتفق عليه علميا ان الامم المتحدة تصنع القانون الدولي. بهذا المنطق يصبح وعد بلفور قانونا دوليا، رغم انه مخالف لأبسط قواعد القانون الدولي المتفق عليها.

ثانيا: أهمية مئوية الوعد:

من مئوية الابادة الارمنية التي تجسدت خيرا عميما للأرمن، الى مئوية " المجد" الامريكي بنزول القوات الامريكية الى القارة الاوروبية "لإنقاذها"، وبتلك العملية يؤرخ ما يدعى ب " القرن الأمريكي"، الى مئوية الوعد التي ستكون موضع اهتمام عالمي، شئنا ام ابينا. وقد تحدثت الأنباء عن تنسيق بريطاني -- اسرائيلي للاحتفال بما يدعى " المعجزة"، على حد ما دعاها فيديريكو مايور، مدير عام اليونسكو الاسبق، وهي معجزة يضيف اليها البعض وصف "الالهية".

ثالثا: سؤال المئوية الاول: ما الهدف من الاهتمام؟

عرض للمرفق الاول وهو بعنوان:" أسئلة مئوية وعد بلفور". الهدف الاول هو الاسهام في التعريف بالظلم الذي الحقه الوعد بشعب فلسطين على نحو يساعد في دعم الجهود لنيل الحقوق، وعنوانها الأكبر "حق العودة"، وهي جهود تنهض بها المقاومة الفلسطينية والعربية، بنوعيها المسلح والسلمي، كما ينهض بها الانصار الحقيقيون لحقوق الانسان في العالم وفي الطليعة حركة البي دي اس، اي المقاطعة وسحب التوظيفات والعقوبات.

رابعا: معالم في تاريخ الاهتمام: من مؤتمر دربان 2001 الى قمة نواكشوط:

منذ البدايات كانت المطالبة بإلغاء الوعد، ثم تطور الى المطالبة باعتذار. عرض المرفق الثاني وهو مطالبتي بلير بالاعتذار عبر رسالة نشرتها البعث في 3/10/ 2002، وعرض المرفق الثالث وهو بعنوان" قضية فلسطين والقمة العربية في نواكشوط".

خامسا: والآن: ما العمل؟         

لا غرابة في تصدي دمشق للعمل، فهي العاصمة العربية التي طردت بلفور حين زارها عام 1925. وللعمل حدان بينهما درجات.

 حد أعلى: عمل رسمي وشعبي عربي اسلامي افريقي لا انحيازي بريكسي في الامم المتحدة لإعلان البطلان القانوني لوعد بلفور، على ضوء المثل الانسانية العليا الراهنة، وأولها مناهضة العنصرية وانهاء الاستعمار، وحفظ حقوق الانسان والشعوب. يأتي اعلان البطلان على نحو ما أعلنه مؤتمر فيينا (1815) بشأن بطلان الاسترقاق، وعلى نحو ما أعلنته الامم المتحدة (1960) بشأن بطلان الاستعمار.

 حد أدنى: عمل لا ريب في قدرتنا على القيام به: حملة تنطلق من هذا اليوم تقوم بها وسائل اعلامنا السورية، ومن خلالها تشرح ما أجمل في هذا المخطط، وما تصح اضافته اليه. وقد يستطاع تحريك المنظمات غير الحكومية السورية لتقوم بجهد مشترك في هذا الاتجاه على النحو الذي تحاوله الرابطة السورية للأمم المتحدة، وعلى نحو ما يتوقع ان تحاوله جمعية العلوم السياسية في سورية مباشرة إثر انتهاء معاملة اشهارها.
وبين الحدين الاعلى والادنى درجات لا حصر لعددها. وقديما قال المتنبي: "على قدر أهل العزم تأتي العزائم". (انتهى).

السبت، 20 أغسطس 2016

كلمات عن الاستاذ رفيق المقدسي وكتابه فن الصحافة

الدكتور جورج جبور

عضو اتحاد الكتاب العرب

الاستاذ رفيق المقدسي، المتوفى صيف 1965، علم من اعلام صافيتا الذي يجدر بنا تذكره، من حيث هو اديب وكاتب ومرب، ومن حيث هو مؤلف في موضوع لعل احدا في سورية، لم يسبقه اليه، وبذلك أشير الى كتابه: فن الصحافة (دمشق، وزارة الثقافة، 1964، 99 صفحة من القطع الوسط). درس معتمدا على نفسه، فأتقن الانجليزية مما فتح امامه آفاقا ثقافية واسعة، ومارس كتابة المقال الصحفي، والحديث الاذاعي معالجا من خلالهما مسائل الشأن العام على اختلافها. وكانت له مواقفه السياسية في مواكبة التيارات الفاعلة في  الشأن العام.

درست عليه التاريخ في الصف الاول الاعدادي خلال العام الدراسي 1949-1950، فكان في درسه واضح العرض، واسع الثقافة، ذكي الملاحظة، واثقا من نفسه، ذا هيبة لها أثرها المحبب في نفوس طلابه.

ثم كان لنا ان نلتقي في دمشق طيلة سنين عديدة، ضيفا غاليا مرحبا به دائما في منزل السيد الوالد.  كان يعمل في الاذاعة. متى انتقلت اقامته من صافيتا الى دمشق؟ لا أدري، ولكنني أرجح انها كانت في اواسط الخمسينات. وأشهد انني اطللت من خلاله، عن بعد، على عالم الكتابة والكتاب، ولاسيما في مجال الصحافة، وعلى ما يتفاعل في ذلك العالم من عواطف حادة. كذلك أفادتني أحاديثه في التعرف على أحداث وملامح من تاريخ صافيتا، له فيها نظرات ثاقبة معمقة.

ظهرت كتب ودراسات كثيرة عن تاريخ الصحافة في سورية، الا ان الاستاذ المقدسي سبق غيره من السوريين في اهتمامه بتعريفنا ماهية الصحافة. في كتابه آنف الذكر نكهة أكاديمية متميزة، اذ هو يبحث في دقائق العمل الصحفي، فيبين لنا مواصفات المقال الرئيسي، ويتعمق في تعريفنا بشخصية رئيس التحرير وكيف ينبغي ان تكون، كما يبحث في معايير نجاح الصحفي، ويتطرق الى مواضيع حساسة كالعلاقة بين الصحافة والتجارة، وبينها وبين السياسة والديموقراطية والحرية. ولعل من أمتع صفحات الكتاب ذي الحجم المتواضع هي الاخيرة منه  المخصصة للبحث في " المانشيت" اي العنوان العريض الذي تختاره الجريدة لابراز اهم ما يراه رئيس التحرير جديرا بالابراز من أنباء أو آراء.

هو كتاب جميل وعميق، صدر قبل ما يزيد عن نصف قرن، باكرا في عمر ثقافتنا الاعلامية النظرية. لا أدري كم نسخة طبعت منه، لكنه مفقود. بحثت عنه فلم اوفق، حتى كانت لي منه مؤخرا نسخة مصورة بعناية خاصة مشكورة من المدير العام للهيئة السورية العامة للكتاب. في اعادة طباعة الكتاب فائدة من جوانب متعددة بينها جانب توثيقي، ولاسيما ان صدوره تزامن مع فترة شهدت انكفاء صحفيا تجسد في ندرة الاشارة اليه في ادبياتنا الاعلامية.
 ذكرت آنفا انه كان للاستاذ المقدسي مقالاته في الصحافة وأحاديثه في الاذاعة. كان يعتني بما يكتب. فقدت الاتصال باستاذي حين غادرت دمشق في خريف عام 1960 . وحين عدت اليها اواخر عام 1965 كان قد انتقل الى رحمة الله. هل قام بجمع مقالاته قبل وفاته؟ لا أدري، ولعل احدا يستطيع تقديم اجابة أكثر دقة. أما الآن فأكتفي بهذه الكلمات القليلة  عن شخص ترك في نفسي كثيرا من الأثر.