الاثنين، 9 يوليو 2012

نداء إلى حاملي السلاح - تحاوروا

أكتب بعد ظهر يوم الجمعة في 3/ 6/ 2011. قبل قليل سمعت عبر فضائيات غير سورية، موصوفةٍ بأنها متحاملة على الحكومة السورية، تصريحات لمتظاهرين ومعارضين تقول: ”لا حوار مع القتلة”. أتت هذه التصريحات في معرض تعليق بعض المتظاهرين والمعارضين على تشكيل رئيس الجمهورية العربية السورية هيئة الحوار الوطني.
وكنت قبل ذلك قد سمعت من بعض أركان الحزب والحكومة – وليس من أي من أعضاء هيئة الحوار – أنْ لا حوار مع عصابات التخريب المسلحة.
يرفض حاملو السلاح من الطرفين – ولا أساوي بينهما – الحوار الذي هو تبادل آراء بالكلمات. يفضلون تبادل الآراء بالرصاص.
إذاً، يبقى العنف سيد الموقف. يُلقي كل طرف عبء العنف – بل جريمة العنف – على الطرف الآخر. والنتيجة المحتمة: يَقتلُ السوريون السوريين وتنزف سورية دماً وكرامة واقتصاداً.
كيف يستطيع الحوار أن يقود إلى وقف العنف إذا كان بعض الطرف الأول لا يتحاور مع بعض الطرف الآخر، وبعض الطرف الآخر لا يتحاور مع بعض الطرف الأول، وكان هذان البعضان من حاملي السلاح؟
لا بد من إقالة السلاح كي يتم الحوار. ولا بد لكل طرف أن يقبل الحوار مع ذلك البعض من الطرف الآخر المتهم بأنه قاتل أو مخرب.
الشهادة بحسن نية حامل السلاح قبوله بأن يكون الطرف المعتدى عليه، الذي يعلّم خصمه التوقف عن العنف بعدم الإجابة عن عنفه.
الصمت على عنفٍ مُوقعٍ بي ارتقاء بمواطنيتي إلى مستوى المسؤولية عن بناء المستقبل.
لدينا هيئة حوار تضم عديداً ممن نحترم. فلتعلن، قبل كل شيء، أنها ستحاور المعارضة الوالغة في العنف. أليس من الواضح أن حوار الهيئة المسالمة مع المعارضة المسالمة لن يوقف العنف؟
هذا نداء إلى حاملي السلاح قبل أي أحد: توقفوا عن استعمال السلاح، وحاوروا !
وهو أيضاً نداء إلى هيئة الحوار. قلتم أنكم سوف تتوجهون بالحوار إلى كل سوري. توجهوا به أولاً إلى من تدعوهم الحكومة بالعصابات التخريبية المسلحة. لا تُقصوهم. لولاهم لما كانت ثمة حاجة لولادة هيئتكم. في حُمَّى العنف ولدت الحاجة الى الحوار.
يوشك أن ينقضي يوم الجمعة. إذا استقرت إحصاءات أعداد الضحايا مع بزوغ فجر يوم السبت، فاذهبوا إلى المكان الذي وقع فيه العدد الأكبر من الضحايا، وابدؤوا حواركم من هناك.
قد يرى البعض في ما قلت مكافأة لحاملي السلاح وإجازةً للعنف. ما هكذا نويت. وإنما الأعمال بالنيات. ما نويته، بل ما أوضحته، هو التالي: وَقفُ سفك الدم السوري أول جدول الأعمال.

الأحد، 1 يوليو 2012

هل صدر في سورية كتاب عن الأحداث السورية؟

للسؤال الذي هو عنوان هذا المقال وجهان. وجه بريء ووجه تحريضي

الوجه الأول البريء هو سؤال المستفهم الجاهل. لا أعرف إنْ كان قد صدر في سورية كتاب عن الأحداث السورية التي ابتدأت في منتصف آذار 2011. لم أقرأ، في ما قرأت من صحفنا على امتداد عام وبضعة أشهر، أي خبر عن صدور مثل هذا الكتاب. أرجو أن أكون مخطئاً، وأن يصحح لي من يستطيع التصحيح. أما سبب السؤال فواضح. أخذت تتكاثر الكتب عن الأحداث السورية بأقلام غير السوريين. أو بأقلام سوريين مقيمين خارج سورية، يطبعون كتبهم هناك. ليست لديَّ قائمة بكل ما صدر عن الأحداث السورية. لديّ قائمة ببعضها. وقد استفزني لكتابة هذا المقال مراجعة قرأتها في الانترناشينال هيرالد تربيون الأمريكية – الفرنسية (19/6/20012) لكتاب لا أتوقع من مؤلفه أن يكون متعاطفاً مع سورية، سلطة ومعارضة. إنه كتاب الدكتور فؤاد عجمي، الأمريكي من أصل لبناني الذي يمارس التدريس في إحدى أهم الجامعات الأمريكية، ويتمتع بنفوذ واسع في الأوساط الأكاديمية والفكرية الغربية. ساهَمتُ في واشنطن، خريف عام 1978، في جلسة مناقشة مفتوحة مع الدكتور عجمي، حين كانت جامعة جونز هوبكنز تناقش مدى صلاحيته ليصبح عضو هيئة تدريسية فيها. عَرَفتُ فيه قبل جلسة المناقشة ثم من خلالها خصماً شرساً لمفهوم العروبة ولمفهوم المقاومة. وللعلم: تُقْدِمُ بعض الجامعات الغربية، ومنذ مدة، على عقد جلسة مناقشة علمية شبه علنية لمن يتقدم طالباً شغل منصب أكاديمي فيها. يُدعى إلى الجلسة بعض من أعضاء هيئة التدريس في تلك الجامعة وغيرها وعدد من الطلبة، وبعض من ذوي الاختصاص. ويتم من خلال الجلسة تقييم المرشح. كنت في واشنطن العاصمة لدى جلسة عجمي، ودعاني إلى المشاركة في النقاش الدكتور مجيد خَدّوري والدكتور ادمون غريب وكانا آنذاك أستاذين في جامعة جونز هوبكنز. كانت جلسة عاصفة يُخالف كل ما قاله عجمي فيها ما نَشَأتُ عليه من تمسك بضرورة العمل العربي من أجل الإنماء العربي سواء على صعيد الأفراد أو على صعيد الدول.

الوجه الثاني التحريضي للسؤال نقلني إلى لويس شيخو وأمين الريحاني وجبرائيل سعادة. هؤلاء من أبناء أرضنا العربية المحبّين لها. تنبهوا، كما تَنَبَّهَ غيرهم الكثير، إلى ضرورة أن نُعَرِّفَ أنفسنا بأحوالنا بعيداً عن تعريف الآخرين لنا بها. أسس شيخو مجلة المشرق اليسوعية لكي ينتقد المستشرقين في مقاربتهم لشرقنا. أما أمين الريحاني فقد كتب عن ملوك العرب ليُعَرِّفَ الواحد منهم بالآخر فيسهل التعارف فيما بينهم. انتقد حالة العلم بالعرب مُصَرِّحاً بأن الخارجية البريطانية تعرف عن أحوال العرب، ملوكاً وشعوباً ودولاً، ما لا يعرفه العرب عن أنفسهم. كأني به الجد الأعلى الشرعي لواحد من أهم مراكز الأبحاث العربية الراهنة ألا وهو مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، ولواء قيادته معقود للدكتور خير الدين حسيب. أما جبرائيل سعادة، فما أن قرأ عن كتابي: نحو علم عربي للسياسة (الطبعة الأولى، دمشق 1989) حتى بادرني بإرسال مقالٍ له قديم – ربما في الخمسينات – عنوانه دالٌّ عليه: حاجتنا إلى مستشرقين شرقيين. تحفل جرائدنا بالحديث عن الجهود المشكورة لجبرائيل سعادة في أوجه نشاطه المختلفة. حبذا لو يُعاد نشر ذلك المقال. حبذا لو يفعل ذلك الكاتب الأستاذ سجيع قرقماز، المتابع لمسيرة جبرائيل سعادة والمؤلف للكتاب الوحيد عن حياته.
أعود إلى التحريض. تشغل سورية منذ عام وبضعة أشهر ساحة السياسة العالمية والفكر العالمي. مَنْ مِنَ السوريين مهتم بتوثيق ودراسة ما نحن فيه؟ أليس من واجب مؤرخينا وباحثينا وإعلاميينا أن يفعلوا؟ سيقول قائل: لن تستطيعوا. قد تصطدم موضوعية الكاتب بقيود النشر. قد تصطدم أهواؤه الذاتية بمعوقات لا يمكن تذليلها. والسؤالان جديان ليست لدي إجابات حاسمة عنهما وعما يجاورهما. إلا أن كسلنا في التوثيق والدراسة – وهو ما قد يكون عليه الحال – أمر غير مبرر على الإطلاق. وأتساءل: ما الذي يمنع هيئة حكومية أو خاصة، علمية أو إعلامية، أن تنشر كتاباً يجمع أسماء الضحايا – الشهداء الذين وردت أسماؤهم في وسائل إعلامنا؟ ما الذي يمنع أن ننشر في كتاب البيانات الرسمية الصادرة عنا منذ بدء الأحداث؟ ما الذي يمنع أن نصدر جدولاً زمنياً بأهم الأحداث؟ ما الذي يمنع أن يتعاون عدد منا من أجل عمل توثيقي يحفظ لنا كرامة علمنا بأنفسنا؟ أم نترك الأمر لغوغل كما تركناه سابقاً لباتريك سيل؟ أسئلة أطرحها عبر هذا المقال الذي أَختُمُهُ بِإِهداء صَدّرتُ به يوم 17/4/1993 كتابي سورية: 1918 – 1968 (دمشق، دار الأبجدية – 1993، 145 صفحة).”إلى مؤسسة للدراسات السورية، تؤسس في سورية، على نحو حكومي أو خاص، لتكون المرجع الدراسي الأول في العالم لكل ما يختص بوطننا الحبيب، حفاظاً منا على كرامتينا العلمية والوطنية 

هل صدر في سورية كتاب عن الأحداث السورية؟

للسؤال الذي هو عنوان هذا المقال وجهان. وجه بريء ووجه تحريضي.

الوجه الأول البريء هو سؤال المستفهم الجاهل. لا أعرف إنْ كان قد صدر في سورية كتاب عن الأحداث السورية التي ابتدأت في منتصف آذار 2011. لم أقرأ، في ما قرأت من صحفنا على امتداد عام وبضعة أشهر، أي خبر عن صدور مثل هذا الكتاب. أرجو أن أكون مخطئاً، وأن يصحح لي من يستطيع التصحيح. أما سبب السؤال فواضح. أخذت تتكاثر الكتب عن الأحداث السورية بأقلام غير السوريين. أو بأقلام سوريين مقيمين خارج سورية، يطبعون كتبهم هناك. ليست لديَّ قائمة بكل ما صدر عن الأحداث السورية. لديّ قائمة ببعضها. وقد استفزني لكتابة هذا المقال مراجعة قرأتها في الانترناشينال هيرالد تربيون الأمريكية – الفرنسية (19/6/20012) لكتاب لا أتوقع من مؤلفه أن يكون متعاطفاً مع سورية، سلطة ومعارضة. إنه كتاب الدكتور فؤاد عجمي، الأمريكي من أصل لبناني الذي يمارس التدريس في إحدى أهم الجامعات الأمريكية، ويتمتع بنفوذ واسع في الأوساط الأكاديمية والفكرية الغربية. ساهَمتُ في واشنطن، خريف عام 1978، في جلسة مناقشة مفتوحة مع الدكتور عجمي، حين كانت جامعة جونز هوبكنز تناقش مدى صلاحيته ليصبح عضو هيئة تدريسية فيها. عَرَفتُ فيه قبل جلسة المناقشة ثم من خلالها خصماً شرساً لمفهوم العروبة ولمفهوم المقاومة. وللعلم: تُقْدِمُ بعض الجامعات الغربية، ومنذ مدة، على عقد جلسة مناقشة علمية شبه علنية لمن يتقدم طالباً شغل منصب أكاديمي فيها. يُدعى إلى الجلسة بعض من أعضاء هيئة التدريس في تلك الجامعة وغيرها وعدد من الطلبة، وبعض من ذوي الاختصاص. ويتم من خلال الجلسة تقييم المرشح. كنت في واشنطن العاصمة لدى جلسة عجمي، ودعاني إلى المشاركة في النقاش الدكتور مجيد خَدّوري والدكتور ادمون غريب وكانا آنذاك أستاذين في جامعة جونز هوبكنز. كانت جلسة عاصفة يُخالف كل ما قاله عجمي فيها ما نَشَأتُ عليه من تمسك بضرورة العمل العربي من أجل الإنماء العربي سواء على صعيد الأفراد أو على صعيد الدول.

الوجه الثاني التحريضي للسؤال نقلني إلى لويس شيخو وأمين الريحاني وجبرائيل سعادة. هؤلاء من أبناء أرضنا العربية المحبّين لها. تنبهوا، كما تَنَبَّهَ غيرهم الكثير، إلى ضرورة أن نُعَرِّفَ أنفسنا بأحوالنا بعيداً عن تعريف الآخرين لنا بها. أسس شيخو مجلة المشرق اليسوعية لكي ينتقد المستشرقين في مقاربتهم لشرقنا. أما أمين الريحاني فقد كتب عن ملوك العرب ليُعَرِّفَ الواحد منهم بالآخر فيسهل التعارف فيما بينهم. انتقد حالة العلم بالعرب مُصَرِّحاً بأن الخارجية البريطانية تعرف عن أحوال العرب، ملوكاً وشعوباً ودولاً، ما لا يعرفه العرب عن أنفسهم. كأني به الجد الأعلى الشرعي لواحد من أهم مراكز الأبحاث العربية الراهنة ألا وهو مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، ولواء قيادته معقود للدكتور خير الدين حسيب. أما جبرائيل سعادة، فما أن قرأ عن كتابي: نحو علم عربي للسياسة (الطبعة الأولى، دمشق 1989) حتى بادرني بإرسال مقالٍ له قديم – ربما في الخمسينات – عنوانه دالٌّ عليه: حاجتنا إلى مستشرقين شرقيين. تحفل جرائدنا بالحديث عن الجهود المشكورة لجبرائيل سعادة في أوجه نشاطه المختلفة. حبذا لو يُعاد نشر ذلك المقال. حبذا لو يفعل ذلك الكاتب الأستاذ سجيع قرقماز، المتابع لمسيرة جبرائيل سعادة والمؤلف للكتاب الوحيد عن حياته.

أعود إلى التحريض. تشغل سورية منذ عام وبضعة أشهر ساحة السياسة العالمية والفكر العالمي. مَنْ مِنَ السوريين مهتم بتوثيق ودراسة ما نحن فيه؟ أليس من واجب مؤرخينا وباحثينا وإعلاميينا أن يفعلوا؟ سيقول قائل: لن تستطيعوا. قد تصطدم موضوعية الكاتب بقيود النشر. قد تصطدم أهواؤه الذاتية بمعوقات لا يمكن تذليلها. والسؤالان جديان ليست لدي إجابات حاسمة عنهما وعما يجاورهما. إلا أن كسلنا في التوثيق والدراسة – وهو ما قد يكون عليه الحال – أمر غير مبرر على الإطلاق. وأتساءل: ما الذي يمنع هيئة حكومية أو خاصة، علمية أو إعلامية، أن تنشر كتاباً يجمع أسماء الضحايا – الشهداء الذين وردت أسماؤهم في وسائل إعلامنا؟ ما الذي يمنع أن ننشر في كتاب البيانات الرسمية الصادرة عنا منذ بدء الأحداث؟ ما الذي يمنع أن نصدر جدولاً زمنياً بأهم الأحداث؟ ما الذي يمنع أن يتعاون عدد منا من أجل عمل توثيقي يحفظ لنا كرامة علمنا بأنفسنا؟ أم نترك الأمر لغوغل كما تركناه سابقاً لباتريك سيل؟أسئلة أطرحها عبر هذا المقال الذي أَختُمُهُ بِإِهداء صَدّرتُ به يوم 17/4/1993 كتابي سورية: 1918 – 1968 (دمشق، دار الأبجدية – 1993، 145 صفحة).”إلى مؤسسة للدراسات السورية، تؤسس في سورية، على نحو حكومي أو خاص، لتكون المرجع الدراسي الأول في العالم لكل ما يختص بوطننا الحبيب، حفاظاً منا على كرامتينا العلمية والوطنية