الاثنين، 22 مايو 2017

الدكتور نشأت حمارنة رمز مشرق لوحدة المجتمع العربي

له في كل عاصمة عربية، بل في كل مدينة وبلدة عربية، أصدقاء وزملاء ومتابعون وحكايات مفيدة وطريفة. كان "مختار العرب" غير منازع. هو رمز مشرق لوحدة المجتمع العربي. مركز دراسات وحدوية قائم بذاته. يعنيه كل ما في المجتمع الممتد من الخليج الثائر الى المحيط الهادر. وقبل ان تكون لدينا وسائل تواصل اجتماعي، كانت له وسائله التي من خلالها تصله أخبار العرب في شتيت أقطارهم. مارس مواطنة عربية منطلقة من دمشق، لكنها ذات ركائز في كل عاصمة عربية. ذلك، باختصار، شخص لا يختصر. انه الدكتور نشأت حمارنة، استاذ طب العيون في جامعة دمشق، صاحب مجلة " الكحال" المتخصصة بتاريخ طب العيون لدى العرب، البعثي منذ نعومة أظافره، عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي لعقود طوال.

قبل ايام انتقل الى رحمة الله ذلك الذي لا يهدأ. أكاد لا اصدق انه حرم من القدرة على الحركة. عرفته قبل نحو من عقود ستة، فما رأيته في أية لحظة منها مستكينا راضيا منفعلا بالأحداث راضخا لها. له أساليبه في استنبات التفاؤل، واولها الانخراط في العمل المفيد. له أساليبه في الاحتفاظ بأصدقائه وفي مضاعفة عديدهم، واولها الاهتمام الانساني بهم، واضفاء الفرح على علاقته معهم.

عرفته من خلال الزمالة الطلابية في جامعة دمشق خلال النصف الثاني من الخمسينات. لم تجمعنا كلية واحدة. لم أكن معه في كلية الطب الا أنه كان معنا في كليات الجامعة كافة. كان معنا بنشاطه الطلابي الجامع بين الطب والحزبية والثقافة والفن والنشاط الاجتماعي الوطني والعربي العام. بل لم يكن غريبا عن أي نشاط جامعي مهما كانت طبيعته ولون القائمين به. ولعله يسر، وهو في كنف الرفيق الأعلى، اذ أستعيد ظروف لقب أطلقته عليه، فسر به، ذات يوم أوائل عام 1960.كان علي --- بصفتي مقرر اللجان الثقافية في اتحاد طلاب جامعة دمشق --- كان علي ضمن لجنة من الاصدقاء، اختيار المرشحين لعضوية الوفد الطلابي الى اسبوع شباب الجامعات الذي يعقد في القاهرة. أتى اسم نشأت حمارنة. لأية لجنة يصلح نشأت؟ تبارى المجتمعون في ترشيحه لإحدى اللجان الست التي ستمارس نشاطها في الاسبوع المشتهى. قلت آنذاك وبحضوره انه "مسدس المواهب"، يصلح لكل واحدة من اللجان الست. وبأسلوبه المتميز علق على اللقب الجديد بأنه يذكره بتعبير " المثلث الرحمات" المتداول في تأبين رجال الكهنوت المسيحي.

لم تنقطع صلتي بالصديق نشأت في مجلات نشاط متنوعة. الا انه أطل على عالما من خلال كتاب عن فضل العرب في طب العيون نشرته، ربما قبل عامين، الهيئة العامة السورية للكتاب. هالني ما في صفحات كتابه الأولى من شكر لزملاء بالعشرات وربما يالمئات، احب تسجيل فضلهم عليه. هكذا هو العالم.

التقيت به قبل عام او أكثر في الدورة السنوية للمؤتمر القومي العربي ببيروت. كان، كعادته، كتلة حماسة وتحفز. همه كل العرب ولا هوادة. هكذا هو البعثي.

ولا تنتهي الحكايات مع نشأت وعنه، وكلها مفيد وطريف. فليكن ذكره مؤبدا من الآن والى دهر الداهرين. وكل نفس ذائقة الموت، وانا لله وانا اليه راجعون.

دمشق في 21 /5/ 2017.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق